الصين تطلب بيانات انبعاثات الكربون من بعض السفن.. تحول ضخم أم مناورة؟
ما زال الجدل مستمرًا حول انبعاثات الكربون لقطاع الشحن البحري المعتمد على الوقود الأحفوري في تشغيل السفن والناقلات، وسط ضغوط غربية للضغط على الصناعة باتجاه التحول إلى مصادر الوقود منخفض الكربون.
في هذا السياق، أظهر تقرير حديث -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- أن السلطات الصينية بدأت مطالبة بعض ملاك السفن بالإبلاغ عن بيانات انبعاثاتهم الكربونية، ما يشير إلى تزايد التدقيق في صناعة الشحن مع تشديد القواعد التنظيمية.
ويأتي إجراء الإبلاغ عن انبعاثات الكربون في الصين عقب اعتماد الاتحاد الأوروبي -مؤخرًا- ضريبة الكربون على السفن، ما قد يمثّل تحولًا كبيرًا في قطاع الشحن البحري العالمي، كما قد يساعد بكين على توسيع نظام تداول الانبعاثات المحلي، ليشمل أنشطة الشحن خلال السنوات المقبلة.
وتُصنّف الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم بعد الولايات المتحدة، وأكبر مستورد للنفط الخام، كما تُصنف موانيها التجارية من بين أكبر المواني العالمية من حيث إنتاجية الحاويات، وهو مؤشر يقيس حجم البضائع التي تمر عبر المواني.
انبعاثات الكربون في قطاع الشحن البحري
اشتكى عدد من ملاك السفن والناقلات العابرة للمحيطات من طلب الصين بيانات انبعاثات الكربون، وسط مخاوف من أن تتحوّل هذه الإجراءات إلى قرارات إلزامية مستقبلية، بحسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.
وتحمل السفن العابرة للمحيطات أغلب التجارة العالمية، ما يعني أن أي قرار إجباري يصدر من الصين لإلزام شركات النقل بدفع ثمن الانبعاثات سيكون بمثابة تحول ضخم في تاريخ صناعة الشحن العالمية ومستقبلها.
وأنشأت حكومة بكين في مارس/آذار 2024، أول وكالة لإدارة انبعاثات قطاع الشحن البحري في شنغهاي، بهدف جمع البيانات من السفن والناقلات التي ترفع العلم الصيني.
وقالت وزارة النقل الصينية -ردًا على استفسارات قرار طلب بيانات انبعاثات السفن- إنها أصدرت إخطارات شفهية لبعض المواني، في إطار الاستجابة إلى متطلبات جمع البيانات من المنظمة البحرية الدولية (IMO).
ورغم ذلك، فما يزال عدد المواني المبلغة بهذا الإجراء في الصين غير معروف، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
ضريبة الكربون على الانبعاثات الأوروبية
كان الاتحاد الأوروبي قد فرض هذا العام (2024) ضريبة الكربون التي تتطلب من السفن الراسية في مواني التكتل دفع ثمن التلوث، بغض النظر عن الأعلام التي ترفعها هذه السفن أو مكان وجود ملاكها.
وما تزال غالبية السفن تعمل بوقود المشتقات النفطية، الذي يظل أرخص بكثير من بدائل الوقود منخفضة الكربون، إذ ما تزال هذه البدائل ناشئة وتكاليفها باهظة وتفتقر إلى البنية التحتية اللازمة.
وقال متحدث باسم مجموعة فيتول (Vitol Group)، أكبر شركة مستقلة لتجارة النفط، إن تكاليف انبعاثات الكربون ستؤثر في اقتصادات السفن والرحلات، كما سيمتد تأثيرها إلى العملاء، وهذا ما يجب على الناس أن يأخذوه في الاعتبار.
ويتسبّب قطاع الشحن البحري في 2% من انبعاثات الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة في عام 2022، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية ومقرّها باريس.
وتشير الوكالة إلى تقدم ملحوظ في جهود إزالة الكربون من صناعة الشحن البحري، مثل مبادرات الاتحاد الأوروبي، والجهود التي تبذلها شركات بناء السفن في آسيا لتطوير السفن التي تستعمل أنواع الوقود البديلة.
نظام مقايضة انبعاثات الكربون العالمية
بدأت حكومة بكين، التي تعهدت بالوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2060، إنشاء نظام لمقايضة الكربون من خلال زيادة عدد الصناعات التي ينبغي عليها أن تدفع ثمن التلوث الناتج عن انبعاثاتها الكربونية.
ويشمل هذا النظام -حاليًا- شركات مرافق الكهرباء، ومن المخطط توسعه، ليشمل صناعات الصلب والألومنيوم والأسمنت، غير أن التقدم فيه ما زال بطيئًا، بسبب انخفاض أسعار الكربون وأحجام التداول، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتعمل المنظمة البحرية الدولية، الجهة المسؤولة عن تنظيم صناعة الشحن البحري، على صياغة القواعد اللازمة لمساعدة هذه الصناعة على تحقيق هدف خفض انبعاثات الكربون، عبر صياغة معايير شبه عالمية، لكن التقدم المحرز في هذا الإطار ما زال بطيئًا.
ويخشى بعض ملاك السفن والناقلات من انعدام تكافؤ الفرص في المشهد التنظيمي للصناعة الذي يتجه إلى تشديد قواعد انبعاثات الكربون دون معايير واضحة، ما قد يكبّدهم تكاليف باهظة.
كما اختلف المراقبون في تفسير طلب الصين الأخير، وما إذا كانت تفعله بغرض اللحاق بالاتحاد الأوروبي، أم للضغط على المنظمة البحرية الدولية باتجاه صياغة نظام عالمي لانبعاثات الكربون، بحسب رئيس قسم الأبحاث في شركة بي أر إس شيبروكرز (BRS Shipbrokers)، أندرو ويسلون.
واستحوذت أحواض بناء السفن في الصين، إحدى الدول الرائدة في بناء الناقلات البحرية، على 70% من طلبات بناء السفن الجديدة العاملة بأنواع الوقود منخفض الكربون خلال أول 9 أشهر من هذا العام (2024)، ويشمل ذلك الغاز الطبيعي المسال والميثانول والأمونيا، بحسب تقرير نشرته هيئة الإذاعة والتلفزيون الصينية المركزية مؤخرًا.
موصوعات متعلقة..
- انبعاثات الكربون العالمية من قطاع الطاقة تشهد ارتفاعات قياسية خلال 2023
- انبعاثات الكربون في يورو 2024.. سيناريو واحد يخفضها 60% (تحليل)
- تعديل خطة خفض انبعاثات الكربون في أميركا.. ما علاقة محطات الغاز؟
اقرأ أيضًا..
- بقيادة السعودية.. ارتفاع واردات النفط الأميركية من 5 دول عربية
- اشتعال النيران في ناقلة نفط قبالة سواحل ألمانيا
- مبيعات مرسيدس الكهربائية في أميركا تهبط 42%.. وطراز تقليدي يتقدم
إقرأ: الصين تطلب بيانات انبعاثات الكربون من بعض السفن.. تحول ضخم أم مناورة؟ على منصة الطاقة