استثمارات الغاز المسال في أميركا اللاتينية تتجاوز 123 مليار دولار
يُحرز قطاع الغاز المسال في أميركا اللاتينية تقدمًا ملحوظًا مع مساعي العديد من الدول لضخّ استثمارات ضخمة لتطوير البنية التحتية اللازمة.
وخلال عام 2024، اكتسبت طموحات أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي لتطوير محطات جديدة للغاز المسال زخمًا عالميًا؛ بفضل التخطيط لاستثمارات جديدة نحو 123.6 مليار دولار لمشروعات الاستيراد والتصدير، بحسب تقرير حديث اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).
وتقود المكسيك هذه الجهود من خلال خطة لتطوير مشروعات بقيمة 54.3 مليار دولار أميركي، إلى جانب الأرجنتين والبرازيل.
ومع ذلك، تنطوي هذه المشروعات على مخاطر كبيرة، سواء من الناحية البيئية أو الاقتصادية، لا سيما أن وكالة الطاقة الدولية حذّرت من أن تجارة الغاز المسال العالمية يجب أن تبلغ ذروتها في منتصف هذا العقد للمساعدة في تلبية الأهداف المناخية.
طفرة في تجارة الغاز المسال
شهد عام 2024 استثمارات ضخمة لتطوير محطات جديدة للغاز المسال على مستوى العالم، وصلت إلى 1.1 تريليون دولار، بزيادة 6% عن العام السابق.
وتبلغ القدرة التصديرية لهذه المشروعات قرابة 1.048 مليار طن سنويًا، إلى جانب نحو 672.7 مليون طن سنويًا لسعة الاستيراد، وفق بيانات شركة الأبحاث غلوبال إنرجي مونيتور.
ويبرز الغاز المسال في أميركا اللاتينية بصفته لاعبًا رئيسًا، إذ تقود المكسيك والأرجنتين خطط توسيع الصادرات في المنطقة، بينما تقود البرازيل خطط محطات استيراد الغاز المسال.
وترتبط محطات الغاز المسال قيد التطوير -حاليًا- ببناء 2652 كيلومترًا من خطوط أنابيب نقل الغاز الجديدة و19.3 غيغاواط من محطات الكهرباء الجديدة العاملة بالغاز، إلى جانب تطوير 7.5 غيغاواط إضافية لمحطات استيراد الغاز المسال في البرازيل، التي بدأت العمل منذ 2020.
وهذا يزيد الاعتماد على الغاز في الأمد الطويل؛ كون تطوير العديد من محطات الغاز المسال في أميركا اللاتينية يتطلب بنية تحتية إضافية للغاز، مثل خطوط الأنابيب ومحطات الكهرباء العاملة بالغاز، ويعني ذلك زيادة الانبعاثات.
المكسيك تقود
تبرز المكسيك بصفتها لاعبًا مهمًا بسوق الغاز المسال في أميركا اللاتينية، حيث تمتلك ثالث أكبر قدرة للمشروعات المخططة عالميًا، بإجمالي 73.6 مليون طن سنويًا.
فقد أدى قرار الإدارة الأميركية بوقف تصاريح تصدير الغاز المسال إلى تحويل التركيز إلى المكسيك بوصفها مسارًا بديلًا لصادرات الغاز الأميركي من حوض برميان.
وفي أغسطس/آب 2024، بدأت أول محطة لتصدير الغاز المسال في المكسيك عملياتها من وحدة التسييل الأولى بسعة 1.4 مليون طن سنويًا.
وأعلنت شركة “نيو فورتريس إنرجي” بدء العمل في وحدة الإسالة الثانية، التي من المتوقع اكتمالها بحلول الربع الأول من عام 2026، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
فضلًا عن ذلك، أنهت محطة كوستا أزول للغاز المسال تطوير وحدة الإسالة الأولى بنسبة 85%، وكان من المتوقع بدء تشغيلها في 2025، لكنها واجهت تأجيلًا إلى الربع الأول من 2026.
وتخطط محطة ساجوارو إنيرجيا للغاز المسال بناء نحو 6 وحدات إسالة، بسعة إجمالية تتراوح بين 15-30 مليون طن سنويًا.
وفي خضم ذلك، يواجه تطوير الغاز المكسيك عقبات، بداية من التعقيدات المرتبطة بالتصاريح، والحاجة إلى خطوط أنابيب جديدة، والمخاوف إزاء تأمين ما يكفي للاستعمال المحلي.
كما أن الاعتماد على إمدادات الغاز الأميركي يزيد من خطر الاضطرابات المحتملة، فضلًا عن تكهنات بأن العديد من هذه المشروعات قد لا تؤتي ثمارها، بسبب التحديات المالية والتنظيمية والبيئية.
استثمارات ضخمة في الأرجنتين
تحتلّ الأرجنتين المرتبة الثامنة على مستوى العالم من حيث التوسعات المقترحة في مشروعات تصدير الغاز المسال، بسعة 37 مليون طن سنويًا.
ويعود هذا التوسع إلى محطة “جي إن إل” بقيمة 30 مليار دولار، بقيادة شركتَي “واي بي إف” الأرجنتينية، و”بتروناس” الماليزية، رغم إعلان الأخيرة احتمال الانسحاب من المشروع.
وحال اكتمال المشروع، ستصبح المحطة أكبر مشروع لتصدير الغاز المسال في أميركا اللاتينية، وقد يصل إجمالي سعتها إلى 30 مليون طن سنويًا، اعتمادًا على إمدادات الغاز من حقل فاكا مويرتا.
ورغم بدء الإنتاج من هذا الحقل منذ أكثر من عقد، فإن البنية التحتية غير الكافية للنقل كانت تحدّ من توزيع الغاز في السابق، ما دفع الأرجنتين إلى الاعتماد على واردات الغاز المسال خلال الشتاء.
وأدّى تشغيل خط أنابيب الغاز “نيستور كيرشنر”، البالغ طوله 573 كيلومترًا، إلى تخفيف الاضطرابات ودفع الاتجاه لبناء المزيد من خطوط الأنابيب لنقل الغاز من المحطة إلى الأسواق الرئيسة، مثل بوينس آيرس.
وعلى غرار المكسيك، أثار تطوير مشروعات التكسير المائي وتصدير الغاز المسال في الأرجنتين مخاوف بيئية واجتماعية، حيث تواجه المجتمعات الأصلية صعوبات، مثل الافتقار إلى المياه النظيفة والمشكلات الصحية والتداعيات السلبية على سبل العيش.
تعزيز البنية التحتية في البرازيل
على الجهة الأخرى، لدى البرازيل خطط لتوسيع قدرتها على استيراد الغاز المسال، بسعة إجمالية تبلغ 36.5 مليون طن سنويًا.
والبرازيل أكبر مستورد في سوق الغاز المسال في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، كما يأتي 40% من إجمالي إمدادات الغاز من الواردات، أغلبها من بوليفيا.
إلّا أن انخفاض الإنتاج في بوليفيا والحاجة إلى استقرار إمدادات الطاقة خلال أزمات الجفاف التي تؤثّر في الطاقة الكهرومائية، دفعا البرازيل نحو استيراد الغاز المسال.
وقبل عام 2020، كان لدى البرازيل 3 محطات لاستيراد الغاز المسال بسعة 17.5 مليون طن سنويًا، إلّا أن البلاد عززت قدرتها على الاستيراد بأكثر من الضعف على مدار السنوات الـ5 الماضية، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
كما يعمل العديد من البلدان الأصغر حجمًا -مثل تشيلي وكولومبيا- على تطوير قدرات استيراد الغاز المسال في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي، بسعة تصل إلى 9.4 مليون طن سنويًا.
موضوعات متعلقة..
- البرازيل تتجه إلى الغاز المسال لتعويض نقص إمدادات الطاقة الكهرومائية
- تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي يمهد طريق إمدادات كندا والمكسيك لآسيا
- بعد فشل الغاز الصخري.. الأرجنتين تستأنف وارداتها من الغاز المسال
اقرأ أيضًا..
- برغر للطاقة: أسعار الغاز في أوروبا تتأثر بالشرق الأوسط.. وهذه تطورات الغاز الإسرائيلي
- صادرات الدول العربية من الغاز المسال تهبط 4%.. ومصر تغيب عن القائمة
- الغاز النيجيري يهدد مشروعي المغرب والجزائر.. ماذا حدث في 24 ساعة؟
إقرأ: استثمارات الغاز المسال في أميركا اللاتينية تتجاوز 123 مليار دولار على منصة الطاقة