الطاقة الحيوية في بريطانيا أضرت بكندا بيئيًا.. كيف حدث ذلك؟
تشكّل الطاقة الحيوية في بريطانيا أحد المسارات الضرورية لخفض الانبعاثات ومحاولة الالتزام بالأهداف المناخية، غير أن مصدر الكهرباء النظيف المستدام سبّب أضرارًا محلية ترجع جذورها إلى كندا.
ويُعدّ الربط بين أضرار البلدين معقّدًا بعض الشيء؛ إذ تُنتج شركة دراكس (Drax) البريطانية -أكبر مورّد للطاقة الحيوية في المملكة المتحدة- حبيبيات الخشب التي تُستعمَل وقودًا حيويًا، وتزوّد به المحطات.
وتعتمد الشركة على 13 مرفق تصنيع في أميركا وكندا لمعالجة الأخشاب وتحويلها إلى حبيبات عبر عملية طحن وتفتيت ألواح الأخشاب المستخرجة من الأشجار الطبيعية.
ورغم أن عملية الإنتاج واضحة المعالم، فإن شركة “دراكس” أقرّت حاليًا باحتمال استعانتها -خلال المدة من أبريل/نيسان 2021 حتى مارس/آذار 2022- بحبيبات أخشاب من غابات كندية تشكّل أهمية بيئية كبرى.
ووفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) تداعيات هذا الإقرار، تواجه الشركة اتهامات بالإخلال بأهدافها الخضراء بعد إيقاع أضرار بالغابات الكندية، وإرباك قواعد بريطانيا المنظمة لاشتراطات مصادر الكتلة الحيوية.
وتمثّل الأخشاب أحد أبرز مصادر وقود محطات الطاقة الحيوية في بريطانيا والعالم، إذ تشكّل المخلّفات النباتية والحيوانية وقودًا مشغّلًا لمحطات الكهرباء، بما يخفض الانبعاثات مقارنة بمصادر الوقود الأحفوري كالفحم والنفط.
اشتراطات القانون البريطاني
وقعت محطات الطاقة الحيوية في بريطانيا بمأزق إثر تزويدها بوقود حبيبات أخشاب الكندية من قِبل شركة “دراكس”، التي حصلت الشركة على ألواحها الخام من الغابات الكندية القديمة ذات الأهمية البيئية.
وكانت لجنة تابعة لسلطة مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية قد أوصت في وقت سابق بحماية الغابات القديمة، ومنع الحصاد أو الاقتطاع.
وتُشير قواعد المملكة المتحدة إلى أن 70% من شحنات الخشب المستعمل وقودًا حيويًا لإنتاج الكهرباء، يتعين أن تكون مستدامة وصديقة للبيئة (أي جُمعت بصورة لا تهدد البيئة).
وأجرت شركة “دراكس” مراجعة داخلية لمصدر حبيبات الأخشاب المستوردة من كندا خلال المدة المذكورة، مرجّحةً أن مصدرها كان غابات ذات أهمية بيئية للدولة الواقعة في أميركا الشمالية.
ووزّعت “دراكس” هذه الحبيبات -محل الشك البيئي- على بعض محطات الطاقة الحيوية في بريطانيا، ومن بينها محطة لاينماوث الواقعة شمال إنجلترا، التي تزوّد 450 ألف منزل بالكهرباء النظيفة.
وذكرت محطة “لاينماوث” أن بعض حبيبات الأخشاب الكندية التي حصلت عليها “غير مستدامة”، وفق اشتراطات قانون المملكة المتحدة.
ورغم دفاع بعضهم عن الكتلة الحيوية بوصفها مصدرًا مستدامًا وأحد أبرز بدائل الوقود الأحفوري، فإن علماء وسياسيين حذّروا من مخاطر الصناعة على الغابات القديمة.
جدل قانوني حول الشحنات
حقّق منظم الطاقة في بريطانيا “أوفغيم” في اتهام شركة “دراكس” بتزويد محطات الكهرباء العاملة بالطاقة الحيوية في بريطانيا شحنات حبيبات خشبية غير مستدامة، وخلص التحقيق إلى أنه لم يكن هناك “تعمُّد” من قبل الشركة الموزّعة للشحنات لخرق اشتراطات المملكة.
وتطوعت “دراكس” لدفع ما مقداره 25 مليون جنيه إسترليني (32.5 مليون دولار أميركي) في صورة غرامة، تحت بند عدم التدقيق في جمع بيانات كافية حول مصدر الأخشاب التي استوردتها من كندا خلال المدة المذكورة.
*(الجنيه الإسترليني = 1.30 دولارًا أميركيًا).
وأجرت الشركة تدقيقًا عبر تتبُّع مصدر الأخشاب التي استوردتها من مورّدين في مقاطعة بريتيش كولومبيا، وتبيَّن أن مصدرها غابات كندية ذات أهمية بيئية ومخاطر عالية.
وأكد خبراء أنه من الضروري حماية أخشاب الغابات القديمة، لفوائدها البيئية التي تشمل احتجازها ثاني أكسيد الكربون المنتشر في الغلاف الجوي، وتخزينه لسنوات طويلة تصل إلى قرون.
وتملك شركة “دراكس” شركة فرعية في كندا تحمل اسمها، وتقوم الشركة الفرعية بدور المورّد من الغابات الكندية الأصلية التي لم تُقطَع أخشابها من قبل، لكن الشركة أكدت أن إستراتيجيتها في انتقاء مصدر الأخشاب لا تعني أنها تضرّ بالبيئة في كندا.
وفي المقابل، أكّد بعض المتابعين لتحقيق “أوفغيم” أن البراهين والدلائل التي تقدمت بها “دراكس” لم تكن كافية.
ويوضح الجدول أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- أبرز 10 دول إنتاجًا للكهرباء من الطاقة الحيوية:
ردّ كندا.. ودور “دراكس”
شكّلت حكومة مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية لجنة فحص، وقالت عضوة اللجنة الدكتورة كارين برايس، إن الغابات القديمة في البلاد مهددة بالمخاطر، رغم أهميتها في تقليص تداعيات تغير المناخ والتنوع البيئي.
وطالبَ منظم الطاقة “أوفغيم” شركة “دراكس” البريطانية بتزويده ببيانات إضافية حول مصدر الأخشاب الكندية خلال المدة محل الشك (من أبريل/نيسان 2021 إلى مارس/آذار 2022)؛ تمهيدًا لإخضاع التقارير العالمية للشركة للمراجعة.
وبالفعل، دعت “دراكس” مورّديها وشركتها الفرعية في كندا لتزويدها بهذه البيانات، بحسب صحيفة فايننشال تايمز (Financial Times).
ودافعت شركة “دراكس” عن قواعدها في ضمان “استدامة” المصادر التي تزوّد بها محطات الطاقة الحيوية في بريطانيا، مشيرة إلى أنها أجرت مراجعات لمصادرها، وحرصت على الالتزام بالأهداف البيئية.
وتشكّل شركة “دراكس” إحدى ركائز قطاع الطاقة في المملكة المتحدة وأبرز أدواتها لخفض الانبعاثات؛ إذ إن مرافق الشركة ومحطاتها -التي تحولت من الاعتماد على الفحم إلى مصادر الكتلة الحيوية- تزوّد البلاد بنحو 5% من الطلب.
ودعمت الحكومة البريطانية شركة دراكس بما يقارب مليار جنيه إسترليني العام الماضي، وتتطلع الشركة حاليًا إلى زيادة الإعانات المقدمة لها.
موضوعات متعلقة..
- توقعات بنمو الطلب على الطاقة الحيوية 41% بحلول 2050 (تقرير)
- أكثر 10 دول توليدًا للكهرباء من الطاقة الحيوية (إنفوغرافيك)
- قيمة سوق الطاقة الحيوية قد تصل إلى 500 مليار دولار بحلول 2050
اقرأ أيضًا..
- واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز عبر الأنابيب تنخفض 17%.. ما دور الجزائر وتونس؟
- برغر للطاقة: أسعار الغاز في أوروبا تتأثر بالشرق الأوسط.. وهذه تطورات الغاز الإسرائيلي
- الغاز النيجيري يهدد مشروعي المغرب والجزائر.. ماذا حدث في 24 ساعة؟
إقرأ: الطاقة الحيوية في بريطانيا أضرت بكندا بيئيًا.. كيف حدث ذلك؟ على منصة الطاقة