مشروعات الهيدروجين الأزرق في أوروبا تتهاوى بسبب التكاليف والغموض التنظيمي
سجّل إنتاج الهيدروجين الأزرق في أوروبا تطورات مثيرة للقلق على مدار شهر سبتمبر/أيلول المنصرم (2024)؛ ما يؤكد أن القطاع ما زال في طور التشكّل.
وبحسب قاعدة بيانات مفاهيم الطاقة لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يُنتج الهيدروجين الأزرق من الغاز الطبيعي مع استعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه (CCS).
وتعوّل قارة أوروبا على الهيدروجين الأزرق بوصفه حلًا انتقاليًا لإزالة الكربون من قطاع الصناعة؛ تحقيقًا لأهداف خفض الانبعاثات والحياد الكربوني بحلول 2050.
وبرز ارتفاع التكاليف مع غياب الطلب وحالة عدم اليقين التنظيمي بوصفها أكبر التحديات أمام مطوري المشروعات الجديدة.
وأثار إلغاء مشروعين كبيرين لإنتاج الهيدروجين الأزرق ونقله في النرويج المخاوف بشأن مستقبل القطاع الوليد، مع توقعات بإلغاء المزيد في حال استمرار البيئة غير المواتية.
إلغاء مشروع
دفع ارتفاع التكاليف وعدم كفاية الطلب شركتي إكوينور النرويجية و”آر دبليو إي” الألمانية في الأسبوع الأخير من سبتمبر/أيلول إلى إلغاء مشروع خط أنابيب لنقل الهيدروجين الأزرق والأخضر إلى ألمانيا كان قد أُعلن لأول مرة في يناير/كانون الثاني من 2023.
واستهدف المشروع نقل 10 غيغاواط من الهيدروجين الأزرق سنويًا، بغرض تشغيل محطات الكهرباء العاملة بالغاز الطبيعي، والقابلة للتشغيل بحرق الهيدروجين مستقبلًا في شمال ألمانيا.
وتضخّمت تكاليف بناء الخط وحده إلى 6 مليارات يورو (6.5 مليار دولار)، ومع إبرام اتفاقيات شراء طويلة الأمد، أصبح المشروع غير مجدٍ اقتصاديًا.
وكان من المفترض أن تكون “آر دبليو إي” المتعهد الرئيس للشراء، إلى جانب آخرين من خلال عطاء سيُعقد مطلع العام المقبل (2025).
وتستهدف الشركة الألمانية بناء محطات كهرباء تعمل بالغاز وقابلة للعمل بالهيدروجين بقدرة 3 غيغاواط بحلول عام 2028، في خطوة عدّها مراقبون “مقامرة خطرة” وغسلًا أخضر، وتمنح الغاز الأحفوري عمرًا أطول ويؤجل الكهربة المباشرة.
ورغم إلغاء مشروع نقل الهيدروجين، ما زالت اتفاقية ثانية تجمع إكوينور و”آر دبليو إي”، ولكن لتوريد ما يتراوح بين مليار و1.5 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويًا حتى عام 2028، ما يؤكد أن التركيز الأكبر سيكون على الوقود الأحفوري.
وبالفعل، سيكون تحويل محطات الكهرباء الجديدة لتعمل بالغاز بين عامي 2035 و2040 بتكلفة 16 مليار يورو.
شركة شل
أجبر انخفاض الطلب وظروف السوق غير المواتية شركة النفط متعددة الجنسيات شل، و”أكر هوريزونس” (Aker Horizons)، و”كيب أوميغا” (CapeOmega)، على إلغاء مشروع بقدرة 1.8 غيغاواط لإنتاج الهيدروجين الأزرق في أوروبا.
وكان المشروع الذي أُطلق عليه “أوكرا” (Aukra) سيُقام داخل محطة معالجة الغاز النرويجية “نيهامنا” (Nyhamna) لإنتاج 1200 طن من الهيدروجين الأزرق يوميًا بحلول عام 2031.
وبرّرت شل قرار الإلغاء بضعف الطلب، وقال مسؤول في الشركة إن طموحات الهيدروجين الأزرق لم ترقَ إلى مستوى السوق الواقعية.
وبعد إلغاء المشروع رغم إجراء دراسة جدوى بشأنه، قررت شركة “أكر هوريزونس” التركيز على مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا.
غموض البيئة التنظيمية
في معرض تبريره لأسباب إلغاء مشروع نقل الهيدروجين لألمانيا، لفت المتحدث باسم شركة إكوينور ماغنوس فرانتزن إيدسفولد إلى عدم وجود إطار تنظيمي مناسب.
وبدلًا من تحمّل المخاطر، جاء إلغاء المشروع “غير الصالح للتنفيذ” على حد وصف المتحدث، في ضوء غياب إطار العمل وحالة السوق اللذين عرقلا العرض والطلب.
وبالمثل، أرجعت شل وشريكتها “أكر هوريزونس” إلغاء مشروع إنتاج الهيدروجين الأزرق في النرويج إلى غياب إطار العمل التنظيمي القوي وشح الحوافز السياسية طويلة الأمد.
بدورها، حذّرت شركة أبحاث واستشارات الطاقة “ويست وود إنرجي” (westwoodenergy) من أن استمرار الغموض التنظيمي سيؤدي إلى المزيد من إلغاء المشروعات، خاصة أن المطورين متردّدون بسبب الشكوك إزاء السياسيات الحالية.
وأصدر الاتحاد الأوروبي في يوليو/تموز حزمة أسواق الهيدروجين والغاز منخفض الكربون، إلا أنها خلت من وضع إرشادات محددة بشأن حساب الانبعاثات.
ولسد تلك الفجوة، أصدرت المفوضية الأوروبية مسودة قانون الهيدروجين منخفض الكربون الذي يفصّل آلية حساب الانبعاثات التي يتعيّن أن تقل عن 70% من إنتاج الهيدروجين من الوقود الأحفوري.
ويمنح مشروع القانون الذي ما زال قيد التشاور حتى 25 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري رؤية أوضح لمطوري المشروعات.
مشروعات الهيدروجين الأزرق في أوروبا
لم ينفِ الرئيس التنفيذي المشارك في شركة “هوريسونت إنرجي” (Horisont Energi) ليف كاليستاد، وجود صعوبات تعترض طريق مشروع “بارنتس بلو” لإنتاج الهيدروجين الأزرق بقدرة 735 ميغاواط منها تأجيل إصدار قرار الاستثمار النهائي حتى 2026.
لكن كاليستاد أكد أن المشروع يُحرز تقدمًا، ومن المقرر دخوله حيز الإنتاج في 2029، مضيفًا أن الشركة أبرمت عقودًا لبيع الأمونيا وحصلت على تمويل بقيمة 482 مليون كرونة نرويجية (نحو 44.5 مليون دولار أميركي).
*(الكرونة النرويجية = 0.092 دولارًا أميركيًا)
وعلى صعيد التطورات الإيجابية، دخل مشروع “نورثرن لايتس” (Northern Lights) -وهو أول مشروع لاحتجاز الكربون وتخزينه في النرويج- حيز التشغيل في 26 سبتمبر/أيلول 2024.
ويستهدف المشروع احتجاز انبعاثات الكربون الصناعية ونقلها في سفن تعمل بالغاز المسال الذي جرى تخزينه في قاع بحر الشمال.
ومن المقرر أن تشهد المرحلة الأولى من المشروع التعامل مع ما يصل إلى 1.5 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، على أن ترتفع القدرة إلى 5 ملايين في المرحلة الثانية.
موضوعات متعلقة..
- إنتاج الهيدروجين الأزرق والأمونيا الخضراء يكتسب زخمًا في كندا والهند
- مشروع الهيدروجين الأزرق والأمونيا في سلطنة عمان يحرز تقدمًا جديدًا
- سلطنة عمان تتقدم في مشروع الهيدروجين الأزرق والأمونيا
اقرأ أيضًا..
- ارتفاع واردات مصر من الغاز المسال.. ودولة واحدة تُلبي 77%
- سعر خام برنت يفقد 4 دولارات في أقل من 24 ساعة.. ما السبب؟
- واردات الكويت من الغاز المسال تسجل مستوى قياسيًا في 3 أشهر
- نصف صادرات قطر من الغاز المسال يذهب إلى 4 دول
إقرأ: مشروعات الهيدروجين الأزرق في أوروبا تتهاوى بسبب التكاليف والغموض التنظيمي على منصة الطاقة