عالم الطاقة

الصين تهيمن على تصنيع توربينات الرياح في العالم بنسبة 60%

ما زالت الصين تهيمن على قدرات تصنيع توربينات الرياح في العالم، مع استمرار نمو التركيبات البرية والبحرية المحلية، وسرعة ابتكاراتها في صناعة التوربينات الضخمة، التي سجل أحدها أعلى أداء تشغيلي عالميًا في مارس/آذار 2024.

وأظهر تقرير تحليلي حديث -اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، ومقرّها واشنطن- استحواذ الصين على 60% من الطاقة الإنتاجية العالمية لتصنيع لتوربينات الرياح في العالم.

بينما توقفت حصة أوروبا في تصنيع توربينات الرياح عند 19%، تليها الولايات المتحدة التي لم تتجاوز حصتها 9% من إجمالي الطاقة الإنتاجية للتوربينات عالميًا، بحسب التقرير.

ويمثّل تحول الصين السريع من التباطؤ في مجال الطاقة المتجددة إلى زعامة قطاع طاقة الرياح في العالم، تحديًا للغرب وتهديدًا لطواحين الهواء في أوروبا، التي ظلّت تسيطر مع الولايات المتحدة على سوق الرياح لمدة طويلة.

الصين تهيمن على 80% من المكونات

يقف أكبر توربينات الرياح في العالم -حاليًا- أمام شاطئ مقاطعة فوجيان الصينية في مضيق تايوان، وهو توربين صيني الصنع مصمم بقدرات صمود عالية يمكنها التصدي للعواصف الاستوائية.

ويبلغ قطر هذا التوربين 252 مترًا، ليحطم الرقم القياسي العالمي الذي سُجِّل خلال العام 2023، مع قدرته على توليد كهرباء تكفي احتياجات 170 ألف منزل.

توربينات الرياح في العالم
توربينات الرياح في العالم – الصورة من  NBC News

وتهيمن الصين على سلسلة توريد طاقة الرياح في العالم، حيث توفر ما بين 70% إلى 80% من المكونات الأساسية، بينما تقوم بتكرير ومعالجة يقرب من 100% من المعادن الحيوية المطلوبة لبناء التوربينات.

ويواجه الغرب عواقب سياسية هائلة، إذ لا يستطيع تحقيق أهدافه المناخية الطموحة دون التوسع في مصادر الطاقة المتجددة التي تهمين الصين على سلاسل توريدها من المنبع حتى المصب.

هل تتكرر التعرفات الجمركية ؟

يهدد التخلي عن التكنولوجيا الخضراء الصينية بإبطاء مسارات تحول الطاقة في أوروبا وأميركا، وبقاء أسعار الطاقة مرتفعة على المستهلكين، مع التوسع في استعمال البدائل الصناعية المحلية المكلفة للغاية مقارنة بالمنتجات الصينية.

ويعتمد الغرب على الألواح الشمسية المستوردة من الصين، وهناك اتجاه غربي متصاعد -مؤخرًا- لرفع الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية لدعم توطين صناعات الطاقة المتجددة في الغرب، لكن هذه الطريقة تخاطر بإبطاء مسار تحول الطاقة، حسب تقرير حديث نشره مركز تحليل السياسات الأوروبية (CEPA).

ويتركز اهتمام الحكومات الأوروبية والأميركية -حاليًا- على السيارات الكهربائية، بعد أن تصدرت الصين إنتاج المركبات الكهربائية منخفضة التكلفة وعالية الأداء.

وفرضت الولايات المتحدة تعرفات جمركية تبلغ 100% على السيارات الكهربائية الصينية، كما أقرّ الاتحاد الأوروبي هذا الشهر فرض رسوم جمركية مماثلة على السيارات المستوردة من الصين بنسبة 45%، رغم محاولة ألمانيا وبعض الدول إعاقة التصويت على هذا القرار، خوفًا من الانتقام الصيني.

وقد تطرأ قريبًا مشكلات مماثلة في قطاعات الطاقة المتجددة الأخرى، ومنها قطاع تصنيع توربينات الرياح ، بسبب السيطرة الواسعة للصين على القدرات الإنتاجية والتصنيعية في المجال.

واستطاعت حكومة بكين تحقيق الهيمنة الصينية على طاقة الرياح في العالم خلال وقت قياسي، فلم يكن لديها في عام 1989 سوى 3 توربينات رياح تنتج الكهرباء في البلاد بأكملها، على حدّ قول خبير طاقة الرياح البريطاني أندرو جاراد.

ومنذ ذلك الحين، استفادت الشركات الصينية الرائدة، مثل جولد ويند (Goldwind)، التي تأسست في عام 1998، من الخبرة الغربية الراسخة في تصنيع توربينات الرياح، وسرعان ما تجاوزتها، لتتصدر سوق التوربينات العالمية للمرة الثانية على التوالي في عام 2023، بحسب متابعة القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة.

منافسة شركات تصنيع توربينات الرياح الصينية

تركّز إستراتيجية أمن الطاقة في الصين على استعمال الفحم في المدى القصير، في حين تُصدِّر قدرتها الفائضة من التكنولوجيا الخضراء، بما في ذلك السيارات الكهربائية، وبطاريات الليثيوم أيون، والألواح الشمسية، وتوربينات الرياح.

وتعرض شركات التصنيع الصينية أسعارًا أقل وأقساطًا جذابة مؤجلة لمنتجاتها أمام المستوردين في جميع أنحاء العالم، بفضل إعانات الدعم الحكومية الضخمة التي تحصل عليها.

وكانت أوروبا تفخر بصناعة طاقة الرياح الغربية القوية التي توظف 300 ألف شخص، وتمثّل أكثر من ثلث (37.5%) الكهرباء المتجددة المتولدة في الاتحاد الأوروبي الذي يخطط لمضاعفة قدرة الرياح من 220 غيغاواط عام 2024 إلى 425 غيغاواط بحلول عام 2030، و1.3 تيراواط بحلول عام 2050.

إذ يُنظر إلى شركات فيستاس الدنماركية، وإنيركون ونوردكس في ألمانيا، وسيمنس جاميسا الإسبانية الألمانية، بوصفها الآباء المصنّعين لطاقة الرياح في العالم تاريخيًا، لكنّ تفوّق الشركات الصينية وانتشار منتجاتها حول العالم بات يهدد كبار المصنّعين الغربيين الأوائل.

توربين رياح من تصنيع شركة جولد ويند الصينية
توربين رياح من تصنيع شركة جولد ويند الصينية – الصورة من gold wind americas

وتشير أحدث بيانات عن قطاع تصنيع توربينات الرياح في العالم إلى وجود 4 شركات صينية بقائمة أكبر 10 شركات مصنّعة للتوربينات في العالم، إلى جانب 4 من دول الاتحاد الأوروبي.

كما تراجعت حصة أوروبا في سوق طاقة الرياح العالمية من 42% عام 2020 إلى 35% في عام 2022، بسبب احتدام المنافسة مع شركات تصنيع توربينات الرياح الصينية التي تقدّم أسعارًا أقل بنسبة 20% عن المصنّعين الأوروبيين والأميركيين.

رغم أن الشركات الأوروبية ما تزال تنتج معظم توربينات الرياح في القارة، فقد بدأت تفقد حيويتها، مع توسُّع شركة جولدويند وشركات صينية أخرى في بعض الأسواق الأوروبية، حيث تركّب -حاليًا- 2.6 غيغاواط من توربينات الرياح في جميع أنحاء القارة العجوز.

اتهامات للصين بدعم الشركات المصنّعة

يقول الرئيس التنفيذي لهيئة صناعة طاقة الرياح الأوروبية ويند يوروب (WindEurope)، جيلز ديكسون، إن شركات تصنيع توربينات الرياح الصينية لا تقدّم أسعارًا أقل فحسب، بل شروطًا ميسرة في تأجيل الدفع حتى 3 سنوات، ولا يمكن ذلك دون دعم حكومي غير عادل، على حدّ تعبيره.

وتنبَّه المشرّعون لهذا التحدي، فأطلقت المفوضية في أكتوبر/تشرين أول 2023 حزمة إجراءات جديدة تستهدف تعزيز صناعة طاقة الرياح الأوروبية وتحقيق تكافؤ الفرص، مع تسريع عمليات إصدار التصاريح لمشروعات طاقة الرياح الجديدة على مستوى الاتحاد.

كما أجرت المفوضية الأوروبية في أبريل/نيسان 2024 تحقيقات حول ما إذا كانت توربينات الرياح الصينية تنتهك قواعد المنافسة العادلة في 5 دول بالاتحاد الأوروبي.

وقالت مفوضة المنافسة مارغريت فيستاجر: “إن توربينات الرياح الصينية المدعومة لا تشكّل خطرًا على قدرتنا التنافسية فحسب، بل تجعل أمننا الاقتصادي معرضًا للخطر”.

ونصحت المفوضة أوروبا والولايات المتحدة بدعم الجيل الجديد من تقنيات تصنيع توربينات الرياح، بدلًا من محاولة منح دعم يفوق الدعم الصيني، وهو هدف مستحيل تحقيقه، على حدّ تعبيرها.

وتقف شبكات الكهرباء في أوروبا عائقًا أمام التوسع في مصادر الطاقة المتجددة، مع انتشار ظاهرة اختناق الشبكة وطوابير الربط البيني الطويلة مع مشروعات طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وتحتاج أوروبا إلى استثمارات تُقدَّر بنحو 584 مليار يورو (629 مليار دولار) بحلول عام 2030، لتحديث شبكات الكهرباء بما يتلاءم مع خطط التوسع في مصادر الطاقة المتجددة.

وبحسب خطة عمل المفوضية الأوروبية لعام 2023، هناك أكثر من 500 غيغاواط من طاقة الرياح في جميع أنحاء القارة تنتظر الموافقة على طلبات الربط مع الشبكات، وهي عملية صارت تستغرق وقتًا طويلًا جدًا يصل إلى 9 سنوات في بعض الحالات، بحسب تقديرات هيئة صناعة طاقة الرياح في الاتحاد الأوروبي ويند يوروب (Wind Europe).

موضوعات متعلقة ..

اقرأ أيضًا ..

إقرأ: الصين تهيمن على تصنيع توربينات الرياح في العالم بنسبة 60% على منصة الطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى