صناعة النيكل في إندونيسيا تحت ضغط الموازنة بين زيادة الإنتاج والانبعاثات (تقرير)
استحوذت صناعة النيكل في إندونيسيا على مكانة رائدة عالميًا، إذ تمثّل 51% من الإنتاج العالمي، إلى جانب امتلاك حصة من الاحتياطيات تصل إلى 42%، بما يعادل 42 مليون طن في عام 2023.
ومع هيمنة 4 شركات تعدين كبرى على السوق، وهي “أنتام” و”إم بي إم إيه” و”تي بي بي” و”بي تي فالي إندونيسيا” التابعة لشركة فالي البرازيلية، تستعد البلاد لزيادة الإنتاج خلال السنوات القليلة المقبلة، مدفوعة بالطلب العالمي المتزايد على النيكل، من بطاريات المركبات الكهربائية، وغيرها من التقنيات النظيفة.
وبحسب تقرير حديث، اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن)، ارتفعت إمدادات هذه الشركات من 130.6 ألف طن عام 2021، إلى 353 ألف طن عام 2023، إذ شكّلت 26% من إجمالي إنتاج النيكل في إندونيسيا البالغ 1.36 مليون طن، لكنه جاء بتكلفة بيئية، فقد نجم عن ذلك انبعاثات تُقدّر بنحو 15.3 مليون طن.
لذا، يعتمد مستقبل صناعة النيكل في إندونيسيا على استطاعة القطاع الانتقال إلى مصادر نظيفة لتقليل بصمته الكربونية، إذ يمكنها تقليل الانبعاثات بنسبة تصل إلى 43%.
ونظرًا إلى أن النيكل عنصر حاسم في تحول الطاقة، خاصة في تصنيع السيارات الكهربائية، فإن نهج إندونيسيا في إنتاج النيكل المستدام سيكون له أثر عميق بيئيًا على المستويين المحلي والعالمي.
معضلة الإنتاج والانبعاثات
شركة “تي بي بي” هي أكبر منتج بين الشركات الـ4 الكبرى بصناعة النيكل في إندونيسيا، بواقع 165.2 ألف طن في عام 2023، تليها شركة “إم بي إم إيه” بإنتاج 93.2 ألف طن.
ومن بين الشركات الـ4، برزت شركة فالي في قدرتها على خفض انبعاثاتها، إذ أنتجت 28.7 طنًا من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من النيكل؛ بفضل الاعتماد على 3 محطات للطاقة الكهرومائية بقدرة تصل إلى 365 ميغاواط، وفق تقرير معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي (IEEFA).
على النقيض من ذلك، اعتمدت باقي الشركات على الكهرباء بالفحم، إذ تراوحت الانبعاثات من الشركات الـ3 بين 57-70 طنًا من ثاني أكسيد الكربون لكل طن من النيكل.
وبحلول عام 2028، تهدف الشركات الـ4 زيادة إنتاج النيكل إلى 1.05 مليون طن، ما قد يؤدي إلى انبعاثات بمقدار 38.5 مليون طن، تعادل 4.5% من إجمالي الانبعاثات الكربونية في إندونيسيا (861.5 مليون طن عام 2023).
تحول صناعة النيكل في إندونيسيا إلى الاستدامة
مع استمرار نمو صناعة النيكل في إندونيسيا، باتت الآثار البيئية لهذا النمو واضحة؛ ما يؤكد الحاجة الملحة إلى تحول هذه الشركات نحو مصادر الطاقة النظيفة.
وحال تمكّن الشركات من تلبية معيار انبعاثات شركة فالي البالغ 28.7 طنًا من الكربون لكل طن من النيكل، من خلال الاعتماد على الطاقة الكهرومائية أو المصادر المتجددة الأخرى، فيمكنها تقليل الانبعاثات بنسبة 43% بحلول 2028 إلى 22.3 مليون طن، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
فقد نجحت شركة فالي في دمج الطاقة المتجددة في عملياتها بنسبة 30.1%، وخفض انبعاثاتها، لكن الشركات الأخرى ما زالت متخلفة عن الركب.
ويمثّل تشغيل محطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية التابعة لشركة “تي بي بي”، بقدرة 300 ميغاواط بحلول عام 2025، خطوة في الاتجاه الصحيح لتعزيز استدامة صناعة النيكل في إندونيسيا.
تقلبات أسعار النيكل
خلال السنوات الماضية، أدّت الأحداث العالمية إلى حدوث تقلبات في أسعار النيكل، بداية من جائحة كورونا، إلى التوترات الجيوسياسية، لا سيما بعد غزو روسيا لأوكرانيا.
وبما أن روسيا هي ثالث أكبر منتج للنيكل في العالم، زادت المخاوف من انقطاع الإمدادات؛ ما أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى قرابة 100 ألف دولار أميركي للطن في مارس/آذار 2022 في بورصة لندن للمعادن.
ورغم استقرار الأسعار -لاحقًا- وانخفاضها إلى 16.3 ألف دولار للطن بحلول نهاية 2023، فإن صناعة النيكل في إندونيسيا كان لها دور في تشكيل ديناميكيات السوق.
ومن خلال الإيرادات والأرباح الصافية التي حققتها شركات النيكل الرائدة في إندونيسيا، فقد باتت في وضع يسمح لها بمنافسة قطاع الفحم في الربحية.
فخلال عامي 2021 و2023، ارتفع إجمالي إيرادات الشركات الـ4 من 4.2 مليار دولار إلى 6.8 مليار دولار، ما يعكس زيادة قوية بنسبة 60%.
كما ارتفع صافي الأرباح من 442 مليون دولار في عام 2021 إلى 966 مليون دولار في عام 2033، إذ شكّلت هذه الربحية 22% من إجمالي صافي ربح كبرى شركات الفحم عام 2023، مقارنة بنحو 9% فقط في عام 2022.
وفي حال بقاء أسعار النيكل عند مستوياتها الحالية دون تغيير، فقد ترتفع الإيرادات المحتملة لهذه الشركات من 6.8 مليار دولار إلى أكثر من 20 مليار دولار، بحسب بيانات اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
أهمية النيكل في تعزيز النمو الاقتصادي
كان حظر إندونيسيا لصادرات خام النيكل خطوة إستراتيجية تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي، وحدّدت 3 أسباب رئيسة لاتخاذ هذا القرار.
أول هذه الأسباب أن قطاع التعدين، الذي أسهم بنسبة 12% في الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال عام 2022، يعتمد على النيكل، بالإضافة إلى أهمية المعدن لصناعة الصلب المحلية، التي تكافح -حاليًا- لتلبية الطلب المحلي.
وأخيرًا، تهدف الحكومة الإندونيسية إلى وضع إستراتيجية لتعزيز إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية داخل البلاد.
فضلًا عن ذلك، حدّدت الحكومة الإندونيسية فائدتين لتطوير صناعة النيكل في المصب، وهما زيادة قيمة الصادرات وتعزيز الإيرادات الضريبية.
فقد ارتفعت قيمة صادرات النيكل من 1.3 مليار دولار عام 2021، إلى 6.8 مليار دولار عام 2023، ما يمثّل 2.6% من إجمالي صادرات البلاد.
موضوعات متعلقة..
- النيكل في إندونيسيا يهدد بقاء الشركات العالمية.. ما القصة؟
- زيادة الطلب على النيكل في صناعة الطيران تهدد مشروعات الطاقة (تقرير)
- الطاقة المتجددة في إندونيسيا تواجه عقبات.. ما قصة الـ14 مليار دولار؟ (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- أكبر 10 دول مصدرة للغاز المسال في العالم.. البلدان العربية تقود تغيّرات القائمة
- أكبر مستوردي الديزل الروسي في 2024.. 5 دول عربية بالقائمة (خاص)
- صناديق التحوط تتجنّب أسهم الطاقة النظيفة.. ضربة جديدة لسياسات المناخ (تقرير)
إقرأ: صناعة النيكل في إندونيسيا تحت ضغط الموازنة بين زيادة الإنتاج والانبعاثات (تقرير) على منصة الطاقة