عالم الطاقة

رجل أعمال أوروبي يشتري محطات الفحم المنبوذة عالميًا.. لماذا يراهن عكس التيار؟

رغم ابتعاد معظم المستثمرين عن محطات الفحم المنبوذة عالميًا، يسعى رجل أعمال أوروبي مثير للجدل خلف شراء محطات و مناجم خارج بلاده التي صارت تحارب المعدن الأسود أسوةً بمحيطها الأوروبي.

واستغل الملياردير التشيكي بافيل تيكاتش (Pavel Tykac) التقييمات الرخيصة لأصول الفحم في البلاد التي تتجه إلى التخلص التدريجي منه، ليراكم ثروته التي تزيد حاليًا عن 3 مليارات دولار، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة، ومقرّها واشنطن.

وعزّز رجل الأعمال التشيكي محفظة مجموعته سي إي إن  تشيسكا إنرجي (Sev.en Česká energie) من أصول محطات الفحم خلال السنوات الـ5 الماضية، عبر صفقات شراء عدّة محطات في الولايات المتحدة وأستراليا وفيتنام.

ويراهن تيكاتش على أن التأخيرات والعقبات التي تواجه مسار تحول الطاقة الأوروبي والعالمي، ستطيل عمر محطات الفحم في مزيج توليد الكهرباء لسنوات قادمة، على الأقل خارج أوروبا.

5 سنوات من شراء محطات الفحم

يعتقد بافيل تيكاتش، الذي يعمل في شركاته 6 آلاف شخص، أن التوسع في أنشطة وأعمال الفحم خارج الاتحاد الأوروبي هو السبيل لحماية ثروته من مسار أوروبا الرامي لقيادة العالم بعيدًا عن الوقود الأحفوري.

ويملك تيكاتش إضافةً إلى محطات الفحم المتنوعة في العالم، محطات كهرباء تعمل بالغاز الطبيعي في المملكة المتحدة، و نادي سلافيا براغ لكرة القدم في جمهورية التشيك.

رجل الأعمال التشيكي بافل تيكاتش
رجل الأعمال التشيكي بافيل تيكاتش – الصورة من Hospodářské noviny

وبلغت قيمة الأصول الأجنبية التي اشتراها الرجل، منذ عام 2019 وحتى الآن، قرابة 3 مليارات يورو (3.3 مليار دولار)، بحسب الرئيس التنفيذي للأنشطة الدولية لمجموعة سيف إن تشيسكا إنرجي، آلان سفوبودا.

وقال سفوبودا في مقابلة أجريت معه في المقر الرئيس بالتشيك -مؤخرًا-، إن المجموعة ستعقد مزيدًا من صفقات الاستحواذ على محطات الفحم الكبرى في العالم أكثر من أيّ وقت مضى.

وأضاف الرئيس التنفيذي أن المجموعة تراقب مئات الفرص كل عام، وتتقدم بعشرات العطاءات الملزمة التي تؤكد سعيها الجادّ في شراء محطات الفحم حول العالم.

*(اليورو = 1.1 دولارًا أميركيًا).

وتراهن المجموعة على عدد من الأصول الأجنبية المميزة التي اشترتها خلال السنوات الماضية لتحقيق مزيد من الأرباح المستقبلية، على رأسها محطة الفحم الأسترالية فاليس بوينت خارج العاصمة سيدني، التي اشترتها منذ عامين، ولديها ترخيص للعمل حتى عام 2029.

ويعتقد الرئيس التنفيذي للمجموعة أن نقص الكهرباء المتوقع في أستراليا قد يدفع السلطات إلى إطالة نشاط هذه المحطة حتى عام 2033، وإذا حدث ذلك فسترتفع الأرباح، حتى لو تطلَّب الأمر من المجموعة ضخ استثمارات إضافية في المحطة.

ويراهن سفوبودا على أن قطاع الطاقة بأكمله لا يمكن تغييره بين عشية وضحاها، وفق آمال بعض أنصار المناخ المتحمسين في أستراليا وخارجها.

وكما يؤكد الرئيس التنفيذي على أن وقف تشغيل محطات الفحم بسرعة مفاجئة ليس آمنًا لأيّ اقتصاد، ومن الأفضل ترك قوى السوق لتحدد الموعد الذي لن يكون مجديًا لتشغيل هذه المحطات تجاريًا، بحسب تصريحات نشرتها وكالة بلومبرغ.

إيرادات المجموعة من أنشطة الفحم

ليس من الواضح ما إذا كانت استثمارات رجل الأعمال التشيكي بافل تيكاتش ستؤتي ثمارها في المستقبل أم لا، خاصة في ظل فرار المساهمين المؤسسين والبنوك وشركات التأمين من الصناعات الضارة بالبيئة، وعلى رأسها قطاع الفحم.

تشير البيانات المالية لشركة سيف إي إن للاستثمارات العالمية ( Sev.en Global Investments)، التي تمثّل أكثر من 70% من إمبراطورية رجل الأعمال تيكاتش، إلى ارتفاع إيراداتها بنسبة 23% عام 2023، لتسجل 1.85 مليار يورو (مليارَي دولار).

ومع ذلك، فقد هبطت الأرباح المعدلة قبل خصم الفوائد والضرائب والإهلاك بنسبة 53%، لتصل إلى 432 مليون يورو (477 مليون دولار) مع انخفاض أسعار الطاقة بشدة خلال عام 2023، مقارنة بمستوياتها القياسية التي سجلتها  خلال عام 2022.

وبدأ تيكاتش نشاطه العملي عام 1989، بعد الثورة المخملية في تشيكوسلوفاكيا على نظام الحكم الشيوعي آنذاك، حيث كانت شركته الأولى في تصنيع أجهزة الحاسب الآلي، قبل أن يتّجه بعد ذلك للاستثمار في الشركات والبنوك المحلية.

وبعد عام 2006، اتجه رجل الأعمال إلى شراء مناجم الفحم ومحطات الكهرباء والتدفئة في أنحاء جمهورية التشيك، بحسب معلومات تفصيلية جمعتها وحدة أبحاث الطاقة عن تيكاتش، الذي يمتلك حاليًا محطة بوسيرادي على الحدود الشمالية للبلاد مع ألمانيا.

وتعمل هذه المحطة منذ سبعينيات القرن الماضي، وتسهم حاليًا بنحو 6% من إجمالي توليد الكهرباء في التشكيك؛ ما جعلها محطّ هجوم نشطاء المناخ ودعاة حماية البيئة بوصفها أكبر مصدر للتلوث في التشيك.

تيكاتش لا يهتم بالنقد الأخضر

لا يحاول تيكاتش إضفاء اللون الأخضر على صورته، كما يفعل العديد من أقرانه، إذ يصف الموقع الإلكتروني لشركته الاستثمارية نموذج أنشطته بأنه يركّز على المشروعات المحفوفة بالمخاطر ذات العوائد العالية.

على العكس من ذلك، يروّج تيكاتش لقناعاته الراسخة بأن استثماراته في محطات الفحم ذات أهمية حيوية لاقتصاد جمهورية التشيك، حتى مع تجنُّب الآخرين لها  لأسباب أخلاقية، مذكّرًا النقّاد بأن توفير الكهرباء الموثوقة والآمنة بأسعار معقولة ظلَّ أحد الشروط الأساسية التي بُنيت عليها الحضارة الحديثة.

رجل الأعمال الباحث عن الفحم بافيل تيكاتش
رجل الأعمال الباحث عن الفحم بافيل تيكاتش – الصورة من Björn Steinz

في الإطار نفسه، يعتقد الرئيس التنفيذي للمجموعة سوفوبودا أن جهود الاتحاد الأوروبي للتخلص التدريجي من الفحم هي السبب الرئيس في ضعف اهتمامهم بأوروبا، باستثناء المملكة المتحدة.

وتركّز المجموعة -حاليًا- على الاستثمار في أميركا وأستراليا، إلى جانب التوسّع في دول أخرى مثل الهند وإندونيسيا وماليزيا وفيتنام، حيث تكون الحكومات مستعدة لتعويض المالكين الأجانب عبر ضمانات طويلة الأجل، بحسب سفوبودا، الذي يريد تكرار تجربة الاستثمار في فيتنام بدول أخرى في جنوب شرق آسيا.

ووافقت المجموعة العام الماضي على شراء 70% من محطة فحم يملكها مستثمرون أميركيون وصينيون في فيتنام بقدرة 1.2 غيغاواط، وذلك بعد حصولها على عقد توريد يحمي المالك من التقلبات في أسعار الصرف وأسعار الفحم حتى عام 2055.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إقرأ: رجل أعمال أوروبي يشتري محطات الفحم المنبوذة عالميًا.. لماذا يراهن عكس التيار؟ على منصة الطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى