اكتشافات النفط في أفريقيا تؤجج صراع دولتين في أوبك
على الرغم من أن اكتشافات النفط في أفريقيا تمثّل “نعمة” لتلبية الطلب المحلي المتزايد واحتياجات التصدير إلى الغرب، فإنها جاءت “نقمة” بالنسبة لمواطني بعض الدول في القارة السمراء.
ووفق تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، اشتعلت معركة قضائية مرة أخرى بين الدولتين العضوتين في منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك”، وهما الغابون وغينيا الاستوائية؛ بسبب جزيرة “مبانيي” الواقعة في غرب أفريقيا.
“مبانيي” هي جزيرة صغيرة، يبلغ طولها كيلومترًا واحدًا فقط، وتصل مساحتها إلى 74 فدانًا.
وتدّعي كل من الدولتين ملكيتها للجزيرة، التي يمكن أن تكون نقطة انطلاق لمزيد من استكشاف النفط، بعد أن شهد إنتاجهما الحيوي من الخام ركودًا أو انخفاضًا في السنوات الأخيرة.
تاريخ الصراع بين الدولتين
وفق المعلومات لدى منصة الطاقة المتخصصة، يعود النزاع إلى أوائل سبعينيات القرن الـ20، عندما كانت غينيا الاستوائية تمتلك الجزر، وفي عام 1972، طرد جيش الغابون جنود غينيا الاستوائية من “مبانيي”، وأقام وجودًا عسكريًا خاصًا به على الجزيرة.
وتجدَّد الأمر في العقد الأول من القرن الـ21، عندما اشتعل الخلاف جراء إمكان استكشاف النفط والغاز في المياه المحيطة.
وبعد سنوات من وساطة الأمم المتحدة، وافقت الدول في عام 2016 على السماح لمحكمة العدل الدولية بتسوية النزاع.
وتستند غينيا الاستوائية في مطالبها إلى معاهدة حدودية عام 1900 بين القوى الاستعمارية السابقة إسبانيا وفرنسا، اللتين قسمَتا الممتلكات الاستعمارية في غرب أفريقيا.
ومن ناحية أخرى، تعتمد الغابون على اتفاقية باتا لعام 1964، التي تحدد الحدود البرية والبحرية لغينيا الاستوائية والغابون، وتحدد جزيرة “مبانيي” جزءًا من أراضي الغابون.
ومع ذلك، تصرّ غينيا الاستوائية على أن الوثيقة التي تستعملها الغابون غير موقّعة وليست أصلية، ما يجعل قضيتها “غير مقبولة من الناحية الواقعية والقانونية”.
وفي أكتوبر/تشرين الأول 2024، بدأ المحامون وممثّلو الدول المجاورة في تقديم حججهم إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، حيث قاد قضية غينيا الاستوائية نائب وزير المناجم والمحروقات دومينغو مبا إيسونو.
ومن المتوقع أن تُصدر محكمة العدل الدولية حكمًا نهائيًا ملزمًا بشأن هذا الخلاف في عام 2025، بحسب ما نقلته منصة “إس آند بي غلوبال” (S&P Global).
إنتاج النفط في أفريقيا
تعتمد الغابون وغينيا الاستوائية، وكلاهما عضو في مجموعة منتجي أوبك، بشكل كبير على عائدات النفط لدعم الإنفاق الحكومي، حيث تعد الهيدروكربونات أكبر صناعاتهما المحلية.
ومع ذلك، فقد شهدتا ركود الإنتاج أو انخفاضه في السنوات الأخيرة بسبب نقص الاستثمار، ونشاط الاستكشاف غير الكافي، ونضج الحقول، والقضايا الفنية في الآبار القديمة.
وكانت غينيا الاستوائية ذات يوم وجهة رئيسة لاستكشاف النفط والغاز، لكنها شهدت انخفاض الإنتاج بنسبة 79% من ذروة بلغت 289 ألف برميل يوميًا في عام 2015، ما دفع أوبك إلى خفض حصتها في يناير/كانون الثاني 2024 عند 70 ألف برميل يوميًا.
وأظهر مسح حديث بأن البلاد ضخّت 60 ألف برميل يوميًا من الخام في سبتمبر/أيلول المنصرم، وفق بيانات “بلاتس” التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
في المقابل، شهد الغابون استقرارًا في الإنتاج منذ عام 2016، عندما كان الإنتاج 210 آلاف برميل يوميًا، وهو الإجمالي نفسه تمامًا كما كان في سبتمبر/أيلول 2024، بحسب مسح بلاتس”.
وقد حددت منظمة أوبك إنتاج الغابون من النفط عند ما يقرب من 170 ألف برميل يوميًا.
مشروعات النفط في أفريقيا
تنتج المشروعات النفطية القريبة قبالة سواحل البلدين حاليًا نحو 31 ألف برميل يوميًا من الخام، وتستضيف 743 مليون برميل من النفط المكافئ من الموارد القابلة للاستخراج.
وتشمل الأصول النفطية القريبة حقل سيبا في المياه العميقة ومجمع أوكومي على جانب غينيا الاستوائية، الذي تديره شركة ترايدنت البريطانية (Trident)، وشركة كوزموس الأميركية (Kosmos)، وشركة بانورو النرويجية (Panoro)، فضلًا عن شركة النفط الوطنية جي إي بترول (GEPetrol).
ومن المتوقع أن يبلغ مشروع النفط “جي-13″، الذي تديره الشركات نفسها، ذروته عند 32 ألف برميل يوميًا من الإنتاج في عام 2031.
وفي 1 يونيو/حزيران 2024، خرجت شركة إكسون موبيل الأميركية، أكبر منتج في البلاد، من حقل زافيرو والبلاد كلها، تاركة شركة جي إي بترول -التي لم تشغّل مشروعًا كبيرًا قط- لتتولى الأصول المحورية.
وفي الوقت نفسه، يقع مشروع “نيوني ديب 1″، الذي تديره شركة النفط الأنغلو-فرنسية بيرينكو (Perenco)، ومشروع توباز-بيلوت (Topaze-Pilote) التابع لشركة كابيتان إنرجي (Capitaine Energy)، في حوض شمال الغابون الفرعي، ومن المتوقع أن يبدأ تشغيله في ثلاثينيات القرن الـ21.
ونظرًا لاعتبارات أمن الطاقة وأهمية القطاع بالنسبة للحكومة، اشترت شركة النفط الوطنية في الغابون أصول شركة أصالة النفطية التي تملكها شركة كارلايل (Carlyle)، وتنتج 40 ألف برميل يوميًا، في يونيو/حزيران، بمساعدة من شركة التجارة غانفور (Gunvor).
تشغيل بئر نفط في أفريقيا
في سياقٍ متصل، أعلنت شركة ترايدنت إنرجي البريطانية (Trident Energy) تشغيل أول بئر تعبئة في المربع “جي” قبالة سواحل غينيا الاستوائية، وحُفرت بوساطة سفينة حفر مملوكة لشركة نوبل كوربوريشن الأميركية (Noble Corporation).
ووفقًا لشركة ترايدنت إنرجي، بدأ إنتاج بئر التعبئة “سي-45” في 15 أكتوبر/تشرين الأول 2024، ويبلغ معدله حاليًا أكثر من 5 آلاف برميل يوميًا من النفط، بما يتماشى مع توقعاتها قبل الحفر.
ومن المقرر أن يبدأ تشغيل بئر نفطية أخرى في برنامج التعبئة الخاص بالشركة قريبًا، ثم تنتقل المنصة إلى مهمتها التالية قبالة سواحل أفريقيا.
كما من المتوقع أن تستمر زيادة الإنتاج لتمكين البئر -التي تُعدّ الأولى من بين بئرين في حقل سيبا المنتج ومجمع أوكومي- من الوصول إلى إمكاناتها الكاملة.
وتمتلك شركة ترايدنت إنرجي، المشغّلة للمربع جي، حصة مشاركة بنسبة 40%، في حين إن الشركاء الآخرين في المشروع المشترك هم بانورو، وكوزموس إنرجي، وجي إي بترول.
موضوعات متعلقة..
- الطلب على النفط في أفريقيا قد يتضاعف إلى 9 ملايين برميل يوميًا
- سعة تكرير النفط في أفريقيا ترتفع 730 ألف برميل يوميًا.. بقيادة دولتين
- احتياطيات النفط في أفريقيا خلال 2023.. دولتان فقط تشهدان تغيرًا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- سفينة حفر عملاقة تغادر المغرب وتتجه إلى مصر.. ما القصة؟
- شيفرون الأميركية تراهن على النفط في 5 دول أفريقية.. بينها مصر
- 4 شركات عربية قد تقتنص تطوير حقل غاز احتياطياته 25 تريليون قدم مكعبة
- التخلص من الكربون بالهيدروجين يثير الجدل.. وهذه البدائل أقل تكلفة
إقرأ: اكتشافات النفط في أفريقيا تؤجج صراع دولتين في أوبك على منصة الطاقة