عالم الطاقة

5 أزمات تضرب قمة المناخ كوب 29.. هل تضع أهدافها في مهب الريح؟

تُلقي الأزمات بظلالها على أجواء فعاليات قمة المناخ كوب 29 (COP29) المنعقدة حاليًا في العاصمة الأذربيجانية باكو؛ ما ينذر بتراجع الآمال المعقودة لإحداث طفرة في جهود التحول الأخضر العالمية.

وتتمثّل الأزمات التي تطل برأسها على مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في مقاطعة فرنسا والأرجنتين لوقائع الحدث المهم، إلى جانب تقليص أعداد الوفود الممثِلة لمجموعة الدول الـ7، ووزراء مالية الدول وقادة القطاع التصنيعي.

وقد تُنسف تلك الأزمات الـ5، أو على الأقل تبطئ الجهود المبذولة لمكافحة التغيرات المناخية، بما في ذلك رصد التمويلات اللازمة لتسريع الاستثمارات الخضراء وتقليص الانبعاثات الكربونية عبر تداول أرصدة الكربون، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

ويتطلّع قادة قمة المناخ كوب 29 إلى الاتفاق على الهدف الكمي الجماعي الجديد، بشأن التمويل السنوي الجديد المرتبط بالمناخ الذي من المفترض العمل به بمجرد انتهاء سريان التعهد الحالي البالغة قيمته 100 مليار دولار في نهاية العام الجاري.

الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف خلال كلمته في كوب 29
الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف خلال كلمته في كوب 29 – الصورة من EPA-EFE

فرنسا تقاطع

تقاطع فرنسا فعاليات قمة المناخ كوب 29 المنعقدة حاليًا في العاصمة الأذربيجانية باكو، بعد الهجوم الذي تعرضت له باريس من قبل الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف؛ ما يعري الانقسام بين البلدين في المفاوضات الدائرة في القمة بشأن الجهود المناخية.

وتهيمن البلدان المجاورة لأذربيجان على قوائم الضيوف الحاضرة لقمة المناخ التي تشهد دفاعًا قويًا عن مصالح النفط والغاز، بحسب ما نشرته صحيفة فايننشال تايمز.

وقالت كبيرة مسؤولي المناخ الفرنسيين أنييس بانييه روناتشر، إنها لن تحضر فعاليات كوب 29 بعدما اتهم علييف باريس بما وصفه “بقمع وحشي لمخاوف تغير المناخ في المناطق التابعة لها في المحيط الهادئ” خلال خطاب ألقاه أمام قادة آخرين.

وزعم علييف أن فرنسا تتسبّب في “تدهور أوضاع البيئة” في المناطق التي وصفها بمستعمرات، مستشهدًا بإجراء اختبارات نووية في جزر بولينيزيا الفرنسية والجزائر.

وقبل انطلاق فعاليات قمة المناخ كوب 29 نصحت فرنسا، التي تساعد في جهود الوساطة في تنفيذ اتفاقية باريس للمناخ 2015 بشأن تغير المناخ، رعاياها بتجنب السفر إلى أذربيجان بسبب خلاف حول الدعم الذي تقدمه باريس إلى أرمينيا.

وسرعان ما دافع رئيس شؤون المناخ بالاتحاد الأوروبي فوبكي هوكسترا عن فرنسا على وسائل التواصل الاجتماعي بقوله: “بتنحية الخلافات الثنائية جانبًا، يتعيّن أن يكون كوب 29 بمثابة مكان تشعر فيه الأطراف كافّة بالحرية في الحضور والتفاوض حول الجهود المناخية”، في منشور كتبه على حسابه الشخصي على منصة إكس (“تويتر” سابقًا).

كبيرة مسؤولي المناخ الفرنسيين أنييس بانييه روناتشر كبيرة مسؤولي المناخ الفرنسيين أنييس بانييه روناتشر – الصورة من scmp

الأرجنتين تنسحب

على غرار فرنسا سحبت الأرجنتين مفاوضي المناخ التابعين لها من فعاليات قمة المناخ في 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في أعقاب أمر من حكومة الرئيس خافيير ميلي دون كشف الأسباب.

ووفق تقارير تحدث ميلي ذو التوجهات الشعبوية إلى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في 12 نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، علمًا بأن البلد الواقع في أميركا اللاتينية لديه رابع أكبر احتياطي من النفط الصخري في العالم، كما يحل ثانيًا عالميًا في احتياطيات الغاز الصخري.

ويركز ميلي على الاستثمار في احتياطيات النفط والغاز، مع التركيز على تكوين فاكا مويرتا الواقع في محافظة نيوكوين غرب الأرجنتين، الذي يحوي قرابة 308 تريليونات قدم مكعّبة من الغاز الطبيعي و16 مليار برميل من النفط، وفق أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية .

ويتوافق موقف الأرجنتين إزاء قمة المناخ مع السياسات العامة للرئيس ميلي، الذي طالما أبدى شكوكه حول تغير المناخ.

وتُظهر قوائم الضيوف في قمة المناخ أن فرنسا والبلدان المجاورة لأذربيجان في آسيا الوسطى قد سجلت حضورًا بأعدادٍ أكبر في فعاليات كوب 29.

فعلى الرغم من أن أعداد الحضور، بوجه عام، في قمة المناخ الحالية كان أقل من نظيره في النسخة السابقة من القمة التي استضافتها الإمارات كوب 28، يهيمن تمثيل صناعة الوقود الأحفوري على الضيوف في أذربيجان، بعكس مجموعة الـ7 ووزراء المالية والصناعة الذين شهد تمثيلهم تراجعًا ملحوظًا هذا المرة.

مقعد الأرجنتين خالي في قمة المناخ كوب 29
مقعد الأرجنتين خالٍ في قمة المناخ كوب 29 – الصورة من en.mercopress

كما تحظى مجموعات الطاقة الخضراء من قطاعي الشمس والرياح، مثل شركة مصدر الإماراتية، بتمثيل في فعاليات كوب 29، وإن كانت بأعداد أصغر من نظيرتها الخاصة بشركات الوقود الأحفوري.

3 أزمات إضافية

ترى الباحثة البارزة في معهد تشاتام هاوس، روث تاونيند، أن التمثيل الضعيف لزعماء مجموعة الـ7 وتراجع أعداد الوفود الآتية من دولها لا يُعد نذير خير بشأن تحقيق الهدف المالي العالمي الجديد الطموح؛ ما يُعد عاملًا حاسمًا للإسهام في الجهود المناخية.

وتشمل قائمة المسؤولين التنفيذيين في قطاع الوقود الأحفوري المدعوين إلى باكو الرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل دارن وودز، والرئيس التنفيذي لشركة النفط البريطانية “بي بي” موراي أوشينكلوس، والرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي الفرنسية باتريك بويانيه، والرئيس التنفيذي لشركة إيني الإيطالية كلاوديو ديسكالزي، والرئيس التنفيذي لشركة أرامكو السعودية أمين الناصر، ورئيس شركة سينوبك الصينية ما يونج شنغ.

ومن بين قادة القطاع التصنيعي القلائل الذين حضروا القمة كان الرئيس التنفيذي لشركة هيتاشي إنرجي، أكبر مُنتِج للمحولات في العالم، أندرياس شيرينبيك، بعكس قمة كوب 28 في دبي، التي شهدت حضورًا كبيرًا من قبل المصرفيين وقادة الصناعة.

قوائم الأمم المتحدة

تحدد قوائم الأمم المتحدة للمندوبين والأطراف العشرات من المستشارين، بقيادة شركة تينيو (Teneo)، المستشار الرئيس للعلاقات العامة لرئاسة مؤتمر المناخ، والمدير التنفيذي للإستراتيجية العالمية جيف موريل، وهو مدير تنفيذي سابق في شركة بي بي، ومستثمر أجنبي كبير في أذربيجان.

من أمام مقر انعقاد قمة كوب 29
من أمام مقر انعقاد قمة كوب 29 – الصورة من AFP

وتضم قائمة المؤسسات البارزة الحاضرة لفعاليات قمة المناخ كوب 29 -أيضًا- معهد توني بلير الذي يترأسه رئيس الوزراء البريطاني السابق، بالإضافة إلى بوسطن كونسلتينغ غروب، وماكينزي، وإي واي، وديلويت، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

كما تحظى مجموعات الطاقة الخضراء من قطاعي الشمس والرياح، مثل شركة مصدر الإماراتية، بتمثيل في فعاليات كوب 29، وإن كانت بأعداد أصغر من نظيرتها الخاصة بشركات الوقود الأحفوري.

هجوم علييف

هاجم الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف البلدان الغربية بشأن موقفها من الوقود الأحفوري، قائلًا: “من سوء الطالع أن المعايير المزدوجة، وعادة إلقاء المحاضرات على البلدان الأخرى والنفاق السياسي قد أصبحت جميعها أسلوب عمل لدى بعض السياسيين، والمنظمات الحكومية التي تسيطر عليها الدولة، والأخبار المغلوطة في وسائل الإعلام في بعض الدول الغربية”.

ولم يخف علييف اعتماد بلاده على ثرواتها من النفط والغاز، التي تمثّل قرابة 90% من الصادرات، واصفًا تلك الثروات بأنها “هبة من الله”.

ومن المتوقع أن يصل إجمالي الحضور في باكو 65 ألف شخص، مقارنةً بأكثر من 80 ألفًا في دبي، غير أن هذا الرقم يشتمل على عمال الدعم والعمال التقنيين، الذين يمثّلون قرابة خُمْس العدد الإجمالي المشارك في القمة.

وتشارك الصين بقرابة ألف شخص في قمة المناخ كوب 29، كما يزيد عدد ممثلي دول روسيا وقازاخستان والحلفاء الرئيسين، على نظرائهم من المملكة المتحدة وإيطاليا والولايات المتحدة وكندا وألمانيا.

وشاركت أوزباكستان وقيرغيزستان بممثلين أكثر من بلدان الاتحاد الأوروبي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

 

إقرأ: 5 أزمات تضرب قمة المناخ كوب 29.. هل تضع أهدافها في مهب الريح؟ على منصة الطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى