روشتة إنقاذ الجنيه ( 3 ) : آليات تعزيز صادرات قطاع البترول للدول الأفريقية
زادت حدة التنافس بين الدول الكبرى على القارة السمراء نظرًا لوفرة احتياطات الموارد الطبيعية فيها، علاوة على التسابق لكسب النفوذ السياسي، حيث باتت أفريقيا كتلة تصويتية مهمة في القضايا الدولية.
ولما كان تعزيز التعاون مع الدول الأفريقية هدفًا استراتيجيًا للدولة المصرية، كان لابد من البحث عن حلول وسياسات بديلة لرفع حجم التجارة البينية وزيادة الصادرات المصرية للدول الأفريقية، في ظل محدودية الموارد المصرية أمام منافسة القوى العظمى التي تمكنت من زيادة صادراتها للدول الأفريقية بالاعتماد على قدراتها في تمويل مشروعات البنية التحتية الكبيرة.
وتستعرض هذه الورقة آليات تعزيز صادرات منتجات شركات قطاع البترول المصري، الذي يملك قاعدة كبيرة من المنتجات والخدمات التي تحتاجها الدول الأفريقية، وكذلك قاعدة كبيرة من الخبرات الفنية التي تشكل رأس مال فكري يمكن الاعتماد عليه لزيادة صادرات مصر الخدمية عبر تصدير حقوق الملكية الفكرية وترخيص استخدام العلامات التجارية لشركات قطاع البترول المصري ، فيما يعرف بعقود الفرنشايز الذي بات أداة توسيع نطاق الأعمال في اقتصاد المعرفة ” الاقتصاد العالمي الجديد “.
وتبرز أهمية هذا المقترح في استحداث فلسلفة جديدة للدبلوماسية الاقتصادية المصرية تجاه الدول الأفريقية ترتكز على مبدأ ” الشراكة العادلة ” و ” تقاسم المنافع ” لا استغلال ثروات الشعوب الأفريقية. كما أنها تسهم بشكل كبير في تحقيق أهداف قطاع البترول نحو تعزيز الميزان التجاري والذي سيسهم بدوره في خفض اختلال ميزان المدفوعات.
هذا المقال هو محتوى ورقة سياسات بعنوان ” آليات تعزيز صادرات قطاع البترول للدول الأفريقية ” ؛ نشرها لنا ” مركز دعم واتخاذ القرار” التابع لمجلس الوزراء عبر موقعه الرسمي، ضمن مشاركة الباحث في مبادرة بنفكر لبلدنا 2023 التي أطلقها منتدى السياسات العامة لدعم موارد النقد الأجنبي للبلاد ، واستندت الورقة على فكرة ” توظيف عقود الفرنشايز لتعزيز الصادرات المصرية ” و فاز عنها كاتب المقال بـ جائزة أفضل فكرة لتعزيز الصادرات.
يمكن مطالعة الورقة على موقع مركز دعم واتخاذ القرار عبر الرابط التالي :
ورقة سياسات ” آليات تعزيز صادرات قطاع البترول للدول الأفريقية “
لماذا يشتد الصراع على التواجد في أفريقيا؟
تشكّل إفريقيا أحد أهم موارد واحتياطات المياه والطاقة، علاوة على المعادن الأساسية. وأصبح من الضروري أن تؤمن الدول الصناعية احتياجاتها من المعادن اللازمة للصناعات التحويلية والصناعات الرقمية والتكنولوجية، مثل البلاتين، والإنديوم، والليثيوم، والكوبالت. وانطلاقًا من هذه الأهمية، فقد زادت حدة التنافس بين الدول الكبرى على القارة السمراء، بالإضافة إلى التسابق لكسب النفوذ السياسي، حيث باتت الدول الأفريقية رقمًا مهمًا في التصويت على القضايا السياسية، يسعى كل قطب لاستقطابه. تتشابك وترتبط المصالح السياسية بالمصالح الاقتصادية.
وفي خضم هذا الصراع، أصبح على مصر أن تعزز مكانتها في القارة في ظل قدرات الدولة ومواردها المتاحة، وفي ظل التنافس التجاري الذي أوجدته التكتلات الاقتصادية على الأسواق التجارية الأفريقية، كخطوة ضرورية على طريق تعزيز العلاقات المصرية الأفريقية كهدف استراتيجي للدولة المصرية.
خريطة القوى العالمية في أفريقيا .. وموقع مصر على الخريطة
استخدم اللاعبون الدوليون في أفريقيا العديد من الآليات لتعزيز نفوذهم وتواجدهم وزيادة حجم التبادل التجاري مع القارة، فقدموا التمويلات طويلة الأجل لمشروعات البنية التحتية كالموانئ والمطارات وخطوط السكك الحديدية والطرق، وهو ما أدى إلى زيادة صادرات هذه الدول للقارة.
وقد بلغ إجمالي واردات إفريقيا في عام 2022 وفقًا لخريطة التجارة العالمية حوالي 694 مليار دولار، كان نصيب مصر منها 6.4 مليار دولار فقط (أقل من 1%)، لتأتي مصر في المركز الثالث والعشرين في قائمة الدول المصدرة لأفريقيا.
الجدول التالي يوضح الدول الأعلى تصديرًا لأفريقيا وترتيب مصر في القائمة
ويظهر من الجدول السابق أن الصين جاءت على رأس قائمة الدول المصدرة إلى إفريقيا، وذلك نظراً لاستخدامها عدة آليات لتعزيز نفوذها، فقدّمت العديد من القروض طويلة الأجل للحكومات الإفريقية، كما استثمرت بشكل مباشر من خلال “مبادرة الحزام والطريق”، وزادت من حجم صادراتها إلى إفريقيا، حيث وصل إلى 127 مليار دولار في عام 2022.
في الأعوام الأخيرة، أظهرت أوروبا تفوقاً في التواجد في إفريقيا عبر قاطرتها الاقتصادية، ألمانيا، حيث تسارعت وتيرة استثمار الشركات الألمانية في القارة خلال الأعوام الماضية، ليصل عدد الشركات الألمانية العاملة هناك إلى أكثر من ألف شركة، تتصدرها شركات الصناعات التكنولوجية الكبرى، إضافةً إلى ذلك، هناك الوجود الفرنسي التاريخي والتواجد الإيراني والتركي والإسرائيلي المتزايد، وأخيراً تصاعد التواجد السعودي والإماراتي.
تقييم الوضع الحالي للتعاون المصري الأفريقي
أ- مجالات التعاون بين مصر والدول الأفريقية
حرصت مصر على التعاون مع عدد من الدول الإفريقية فى المجال الاقتصادي، بهدف زيادة الاستثمارات المصرية وفتح الأسواق الإفريقية أمام المنتجات المصرية، واستكمال اتفاقية إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية، وكذلك المساعدة فى تطوير البنية التحتية فى عدد من الدول الأفريقية، ووصلت الاستثمارات المصرية فى إفريقيا عام 2020 إلى 6 مليارات دولار ، كما وقعت شركة مصر للطيران مذكرة تفاهم لتأسيس شركة طيران وطنية غانية باستثمارات مشتركة.
وبرزت بعض الاتفاقيات بين مصر ودول افريقية للتعاون فى مجال الربط الكهربائى ومشروعات السكك الحديدية، هذا فضلاً عن التعاون المشترك بين مصر وعدد من الدول الافريقية فى قطاع الزراعة والموارد المائية والرى والمرتبطة بحفر الآبار ومواجهة الفيضانات والجفاف وبناء السدود.
كما أنشأت مصر الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية في أفريقيا التي تقوم بالمساهمة من خلال عملها في بناء قدرات أشقائنا الأفارقة في مختلف المجالات. تهدف الوكالة إلى المساهمة في تعزيز جهود مصر في مجال التعاون الدولي، خاصةً التعاون بين دول الجنوب، في المجالات ذات الصلة بالتنمية المستدامة في الدول الأفريقية والإسلامية، من خلال تقديم دعم فني في مختلف المجالات، وبرامج لبناء القدرات، ودورات تدريبية، ومعونات إنسانية، ومساعدات طارئة، بالإضافة إلى تنظيم ندوات، وزيارات ميدانية. ( الهيئة العامة للاستعلامات يونيو 2022 ) .
ب ـ التعاون القائم بين قطاع البترول المصري والدول الأفريقية
وفقا لموقع وزارة البترول والثروة المعدنية وقعت وزارة البترول العديد من مذكرات التفاهم مع وزارات البترول والطاقة في الدول الأفريقية للتدريب و تبادل الخبرات . و من خلال الزيارة الميدانية و المقابلات مع ممثلي شركات القطاع بمعرض مصر الدولي للبترول ” إيجيبس ” في نسختي 2022 و 2023 ، رصد الباحث مشروعاً واحداً بنظام الاستثمار المباشر لشركة خدمات البترول الجوية في كينيا حيث أطلقت أسطول من خمس طائرات لخدمة مواقع البترول هناك.
تشخيص المشكلة
لما كانت قدرات مصر التمويلية محدودة في ضخ استثمارات بنية تحتية بالدول الإفريقية على غرار ما تفعله القوى العظمى والإقليمية هناك، فقد بات من الضروري البحث عن سياسات بديلة عن ضخ الاستثمارات المباشرة لتعزيز التواجد المصري في القارة في ظل محدودية الموارد المصرية والذي أدى لانخفاض حجم التجارة البينية وتراجع الصادرات إلى دول القارة .
محورية دور قطاع البترول في تعزيز التواجد المصري في أفريقيا
نركز على البحث في فرص ” قطاع البترول ” لأسباب وظيفية واستراتيجية، وهي :
1. يتمتع قطاع البترول بطاقة إنتاجية ورأس مال فكري يمكن استثمارهما لزيادة حجم الصادرات المصرية (السلعية والخدمية) إلى إفريقيا.
2. إطلاق قطاع البترول لمشروعات ” البتركيماويات الخضراء “، والتي تشمل مشروعات لتدوير المخلفات الزراعية، وتُعد مشروعات ذات فرص تمويلية كبيرة، إضافة إلى أن إفريقيا قارة زراعية بالأساس.
3. اضطلاع وزارة البترول بملفي الطاقة والتعدين، وهما من أهم الموارد في إفريقيا، ويشكلان السبب الرئيسي للتنافس على القارة، مما يؤكد محورية دور هذا القطاع في مستقبل العلاقات المصرية الإفريقية.
ولتحديد البدائل التي يمكن الاعتماد عليها لزيادة صادرات قطاع البترول، يتطلب الأمر رصد الفرص والتحديات، ونوجزها فيما يلي:
الفرص:
1– توقيع مصر على اتفاقية منطقة التجارة الحرة الأفريقية مع 43 دولة أفريقية .
2– وجود فائض طاقة إنتاجية لدى شركات البترول المنتجة للزيوت المعدنية والمنتجات الكيماوية التي تستوردها الدول الأفريقية بكميات كبيرة خاصة زيوت المحركات حيث تستورد منها الدول الأفريقية 900 مليون لتر سنويًا .
3– حاجة الدول الأفريقية للخبرات الفنية المتوفرة لدى قطاع البترول المصري في معظم التخصصات .
4– اتجاه التمويل الدولي خاصة في أسواق رأس المال نحو المشروعات الخضراء وبدء قطاع البترول لتنفيذ مشروعات ” البتروكيماويات الخضراء ” ومنها تدوير المخلفات وهو المجال الذي تتمتع فيه أفريقيا بفرص كبيرة .
5– توفُر التمويل المخصص لأفريقيا عبر مؤسسات التمويل الدولية من جهة وعبر أسواق رأس المال من جهة أخرى ، حيث تتمتع الشركات التابعة لقطاع البترول بالملاءة المالية وقوة المركز المالي وتملك رصيدا من المشروعات الناجحة مما يؤهلها مع شركائها لكسب ثقة المستثمرين وجهات التمويل .
التحديات:
1. محدودية الموارد المصرية اللازمة لضخ الاستثمارات المباشرة في القارة خاصة في مجال مشروعات البترول والطاقة فهي مشروعات كثيفة رأس المال.
2. مخاطر الاستثمار المرتفعة في أفريقيا.
3. عدم وجود شبكة من الوكلاء و الموزعين لمنتجات قطاع البترول بالدول الأفريقية و الاعتماد على التصدير بنظام الصفقات عند الطلب.
4. عدم وجود خطوط ملاحية منتظمة بين مصر والدول الأفريقية.
5. وقد ركزت البحوث والدراسات الموجهة لتعزيز الصادرات المصرية إلى أفريقيا على السلع التي يمكن زيادة صادراتها لأفريقيا ولم تركز على تصدير الخدمات الذي نرى فيه فرصة غير مستغلة حتى الآن خاصة في قطاع البترول.
6. ضعف القدرات التسويقية لإدارات التسويق بالشركات المصرية.
7. عدم وجود منافذ بيع بالخارج تسهل وصول المنتجات إلى المستهلك النهائي.” مشكلة البضاعة الحاضرة “.
وبناء على ما سبق من تشخيص المشكلة يمكن أن يكون الاندماج في الاقتصاد العالمي الجديد و استخدام أدواته حلاً لمشكلة محدودية قدرتنا على ضخ الاستثمار ، كيف يمكن أن نجد لمصر دورا في أفريقيا عبر اقتصاد المعرفة وأداة الفرنشايز هذا ما سنجيب عنه في السطور القادمة .
العالم يتحول نحو اقتصاد المعرفة
تحدّد لجنة الجماعات الأوروبية المجتمع القائم على المعرفة بأنه مجتمع يتميز بعدد من الاتجاهات المترابطة فيما بينها وزيادة تركيزه على الابتكار، إذ إن أكثر الأصول قيمة هي ” الأصول الفكرية” ، التي تعني كل ما يكتسبه العاملون من معرفة وخبرة ، وقد أصبحت المعرفة العلمية والتكنولوجية تمثل في العصر الحالي ما يقرب من 80% من اقتصاديات الدول المتقدمة، أما الـ 20% الباقية فإنها تذهب إلى رأس المال والعمالة والموارد الطبيعية، وبذلك يكون الاقتصاد المبني على المعرفة هو الاقتصاد الذي يدرك أهمية المعرفة والتكنولوجيا، ويعمل ويهتم بتطبيقها في النشاطات الاقتصادية وحتى الاجتماعية .
يتسم اقتصاد المعرفة بالقدرة على توليد واستخدام المعرفة، إذ لا يمثل فقط المصدر الأساسي للثروة، وإنما يعد أساس الميزة النسبية المكتسبة في النظام الاقتصادي العالمي الجديد؛ فالمعرفة هي الوسيلة الأساسية لتحقيق كفاءة عمليات الإنتاج والتوزيع وتحسين نوعية وكمية الإنتاج، وبشكل عام يتميز الاقتصاد المبني على المعرفة بالآتي :
- يرتكز على الاستثمار في الموارد البشرية باعتبارها رأس المال الفكري والمعرفي، كما يعتمد على القوى العاملة المؤهَّلَة والمدَرَّبَة والمتخصصة في التقنيات الجديدة، وبالتالي يرتفع الدخل لصناع المعرفة كلما ارتفعت مؤهلاتهم وتنوعت كفاءاتهم وخبراتهم .
- انتقال النشاط الاقتصادي من إنتاج وصناعة السلع إلى إنتاج وصناعة الخدمات المعرفية، وتوليد منتجات فكرية معرفية جديدة لم تكن الأسواق تعرفها من قبل، حيث باتَت عمليات البحث والتطوير هي المحرك الرئيسي للتنمية.
- يمتاز بالانفتاح، إذ لا توجد حواجز للدخول إلى اقتصاد المعرفة، بل هو اقتصاد مفتوح بالكامل، كما أنه مرن وشديد السرعة والتغير.
وإذا كان الاقتصاد الجديد قد تحول نحو التركيز على تحقيق القيمة المضافة من امتلاك المعرفة وتصديرها، فإن هذا النهج الجديد قد استحدثَ أدوات يجب التعرف عليها لتطويعها من أجل تعويض ما ينقصنا من “معرفة” وسد الفجوة بين الواردات والصادرات، وعلى رأس هذه الأدوات: (عقود الامتياز “الفرنشايز).
الامتياز التجاري ” الفرنشايز ” أداة توسيع نطاق الأعمال في اقتصاد المعرفة
برز نظام الفرنشايز بقوة كبديلٍ جيّدٍ وفعّال في تخفيض معدلات فشل المشروعات التقليدية، وأصبح الخيار الأفضل من جانب الاستثمار، بالإضافة إلى تحسين بيئة المنافسة، وزيادة جودة المنتجات، والاستفادة من نقل التكنولوجيا، لا سيّما مع الفترات التي مر بها الاقتصاد العالمي وشهدت تذبذُبًا كبيرًا في معدلات النمو وظهور الأزمات المتكررة، والتي كان آخرها انتشار جائحة كوفيد19.
يغزو نظام الفرنشايز معظم دول العالم، لما يمثله من وسيلة ناجحة لنقل المعرفة الفنية والمشاريع الإنتاجية، ويسهل على الشركات المانحة التوسع والانتشار السريع بأقل قدراً من رأس المال، ويوفر لها شركاء يقومون بتقديم نفس المنتج والخدمة تحت اسم العلامة التجارية نفسها، مع توفير الدعم الفني لإنتاج السلعة أو الخدمة، كما يُعتبر نظام الفرنشايز أيضًا وسيلة لنقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة إلى الدول النامية، وتَعتَبِر بعض الدول الامتياز التجاري مصدرًا مُهمًّا لدعم الاقتصاد؛ ففي أمريكا 1200 علامة تجارية تعمل بنظام الامتياز محليًا وعالميًا، وقُدّرَ حجم مبيعاتها بما يزيد على تريليون دولار، ففي الولايات المتحدة يوجد أكثر من 75 صناعة يعمل من خلالها 350 ألف حق امتياز، مُوزّعَة على المجالات الاقتصادية، حيث تقوم بتشغيل ما يزيد عن 8 ملايين مواطن أمريكيّ، وفي أوروبا بلغ عدد العلامات العاملة بهذا النظام نحو 11731 علامة في 2009، منها 1369 علامة في فرنسا و840 في بريطانياو1640 في تركيا، وبلغ عددها في ماليزيا 500 علامة.
أطراف ومضمون عقد ” الفرنشايز ”
يشتهر الامتياز التجاري بمسمى فرانشايز، ويعرف بأنه عقدٌ بين طرفين مستقلين قانونيًّا واقتصاديًّا يقوم بمقتضاه أحد طرفيه، والذي يُطلَق عليه مانح الامتياز، بمنح الطرف الآخر، والذي يطلق عليه ممنوح الامتياز، الموافقة على استخدام حق أو أكثر من حقوق الملكية الفكرية والصناعية أو المعرفة الفنية لإنتاج سلعة أو توزيع منتجاته أو خدماته تحت العلامة التجارية التي ينتجها أو يستخدمها مانح الامتياز، وِفقًا لتعليماته وتحت إشرافه حصريًّا في منطقة جغرافية محددة ولفترة زمنية محددة، مع التزامه بتقديم المساعدة الفنية، وذلك بمقابل مادي أو الحصول على مزايا أو مصالح اقتصادية.
يعد الهدف الأساسي لعقد الامتياز التجاري هو تكرار نجاح المُورِّد في مشروعه، ونقله إلى مشروع المتلقي، ذلك النجاح الذي لا يتحقق إلا من خلال عناصر أساسية تُشكّل بمجموعها محل عقد الامتياز التجاري، وأهم هذه العناصر: المعرفة الفنية؛ فهي جوهر محل عقد الامتياز التجاري، والتي أصبحَت تُشكّل أهم عناصر الأصول التكنولوجية للمشروعات الكبرى، كما أنها أضحَت تمثل المحور الرئيسي لعمليات نقل التكنولوجيا على المستوى الدولي، حيث باتت المعرفة الفنية هي الطريق المناسب أمام الدول النامية لاستيعاب التكنولوجيا.
وفي هذا العقد يقوم المتلقِّي باستثمار أمواله الخاصة في العمل المرخص به؛ بحيث تكون مخاطر نجاح هذه العملية عليه ويتحملها وحده دون غيره، وهذا العقد يخوّل ويجبر الممنوح له الامتياز التجاري أن يستعمل اسم المانح التجاري، أو العلامة التجارية، والدراية الفنية، والأساليب المهنية والتقنية، ونظام إجراءات التشغيل، وحقوق الملكية الفكرية أو الصناعية، عن طريق تقديم المساعدة التجارية والفنية في الإطار وللمدة المنصوص عليها كتابة في اتفاقية الامتياز المبرمة بين الطرفين لهذا الغرض.
وتعني الدراية الفنية مجموعة المعلومات العملية غير المسجلة كـبراءة اختراع، الناتجة عن خبرة واختبارات مانح الامتياز، وهي سرية وأساسية ومحددة، وكونها (سريّة) يعني أن الدراية الفنية في مجموعها، أو في ترتيبها الدقيق وتجمع مكوناتها، ليست معروفة أو يسهل الوصول إليها.
وتشمل الدراية الفنية معلومات ذات أهمية لبيع السلع أو تقديم الخدمات للمستخدمين النهائيين، وعلى وجه الخصوص لعرض السلع للبيع، وتجهيز السلع بغرض تقديم الخدمات، وأساليب التعامل مع العملاء والإداريات والإدارة المالية. والدراية الفنية يجب أن تكون ذات فائدة لمن حصل على الامتياز من خلال كونها قادرة -في تاريخ إبرام العقد- على تحسين الوضع التنافسي لمن مُنح الامتياز، ويمكن أن تكون إما منصوصًا عليها في اتفاق الامتياز أو في وثيقة منفصلة أو تسجل في أي شكل مناسب، وعليه فإن عقد الفرنشايز في مضمونه هو: تكَفُّل شخصٍ يُدعَى المانح بتعليم شخص آخر يُدعَى الممنوح له المعرفة العملية، والتي تشمل نقل المعرفة الفنية وتقديم المساعدة التقنية، وتخويله استعمال علامته التجارية وتزويده بالسلع، أما الممنوح له فيتكفل باستثمار المعرفة العملية واستعمال العلامة التجارية والتزود من المموّل، بالإضافة إلى التزام الممنوح له بدفع الثمن، والالتزام بعدم المنافسة والمحافظة على السرية، وفي هذا السياق لا يُعدّ عمل الممنوح له فرعًا من عمل المانح، وإنما يُعدّ مشروعًا مستقلًّا؛ أي أن الممنوح له يقدم ويخاطر برأس ماله تحت اسم صاحب حق الفرنشايز الأصلي “المانح”.
تكمُن أهمية الامتياز التجاري في أنه يحقق الانتشار والتوسع المنشود لأصحاب المشروعات التجارية الناجحة ذات السمعة والشهرة التجارية، وذلك دون أي أعباء مالية أو إدارية إضافية. بل إنه يدُرُّ عليهم عوائد من الممنوح لحق الامتياز التجاري، بينما يحقق الطرف الحاصل على الامتياز تملّكَ وتشغيل نشاط تجاري متمتع بالاستقلالية، بل إنه يبدأ من حيث انتهى أو حقق الآخرون من نجاحات وسمعة تجارية، مدعومًا بالمساعدة الفنية والإدارية، إضافة إلى خبرة مانح الامتياز؛ فنظام الامتياز التجاري يحقق مصالح المانح والممنوح له الامتياز، بما فيه من تطوير وتنمية آليات الاستثمار، بإفادة المانح من الانتشار في أسواق مختلفة ومتنوعة ما كان يصل إليها دون استثمار أموال طائلة، ومن ناحية أخرى إفادة الحاصل على الامتياز من سمعة وشهرة المانح وما يقدمه من خدمات أو منتجات، محقّقًا بذلك أرباح ما كان ليحققها بمفرده في وقت وجيز.
أنواع الفرنشايز و توظيفها لصالح شركات البترول المصرية
1- فرنشايز التصنيع:
يعتمد هذا النوع من الفرنشايز بشكل أساسي على نقل المعرفة الفنية ((Know How من المانح إلى الممنوح؛ إذ يقوم الممنوح له بتصنيع السلعة التي تحمل العلامة وتوزيعها، مستعينًا في ذلك بخبرات المانح، الذي يحدد نماذج قياسية ومواصفات يجب مراعاتها، فيكشف المانح للممنوح له عن الأسرار الصناعية المتصلة بكيفية الإنتاج للمنتجات المحددة في العقد، كما يشرف المانح على الإنتاج للتأكد من جودة السلعة التي تحمل العلامة ومطابقتها للمواصفات التي يحددها.
2- فرنشايز التوزيع:
يهدف هذا النوع من الفرنشايز إلى تمكين المانح من تسويق منتجاته من خلال نظام توزيع معين، بحيث يلتزم المانح بتوريد المنتجات محل العقد خلال مدة العقد إلى الممنوح له ضمن الإطار الجغرافي المحدد، كما يقدم له المساعدات الفنية في مجال التسويق كالإعلان وتوفير قطع الغيار، وفي هذا النوع أيضًا يمارس المانح الرقابة والسيطرة والإشراف على أعمال الممنوح له باتباع تعليمات المانح، ويُلاحَظ أن هذا النوع عادة ما يقترن بإعطاء الممنوح له حق القصر أو الحصر، أي أن يكون هو الموزع الوحيد لهذه المنتجات في منطقة نشاطه، وهو ما يُعرف بعقد التوزيع القصري أو الحصري، وغالبًا ما يتفق هذا النوع من الفرنشايز في كثير من الوجوه مع عقد امتياز البيع التجاري ، و هذا النوع يمكن تطبيقه في تصدير الكيماويات والزيوت وكافة المنتجات التي نستهدف تصديرها للدول الأفريقية .
3-فرنشايز البنيان التجاري ” عقد الترخيص “:
، ويُعدّ اليوم الشكل الأكثر رواجًا وشعبية من أشكال الفرنشايز ويظهر كل مشروع ممنوح له كحلقة في سلسلة من مشروعات، تستخدم جميعها اسم المانح وعلامته التجارية،ويُستَخدَم هذا النوع من الفرنشايز في أنشطة كثيرة، أهمها المطاعم والمقاهي ، وكذلك مكاتب تأجير السيارات ، وكثير من المحال التي تقدم سلعًا أو بضائع ذات ماركات مشهورة.
( يمكن تطبيقه في منافذ بيع منتجات البتروكيماويات والزيوت)
4- الفرنشايز الخدمي:
يتلاقى هذا النوع في نقاط كثيرة مع ما سبقه، كتقديم سرية المعرفة المعتبرة أساس للتجارة، لقد جاب هذا النوع العالم وتطور بسرعة كبيرة في قطاع الفنادق وخاصة الأمريكية منها؛ فغدت الشبكات الفندقية الكبرى مُوحّدَة في معظم بقاع الأرض، تطبق عليها أَنظمة موحدة صادرة عن المانح؛ فالآلات والمعدات قليلة نسبيًّا في هذا النوع، إنما التركيز يتم حول الأنظمة الواجب تطبيقها لجلب الزبائن تحت شعار الأول وعلى مسئوليته، مثال ذلك سلسلة الفنادق العالمية مثل “هيلتون” و”شيراتون”.
(يمكن تطبيقه في قطاع الخدمات البترولية : خدمات البترول البحرية ـ الجوية ـ صيانة المواقع ـ الاستشارات الهندسية ـ المقاولات والإنشاءات.. إلخ )
5- الفرنشايز الاستثماري:
بموجب هذا النوع يتم الاتفاق على استثمار مؤسسة بذاتها؛ فلا يتوقف الأمر على تقديم سرية المعرفة وأساليب التقنية من قبل المانح للممنوح له فقط، ويظهر هذا النوع أكثر في المؤسسات العلمية كالمدارس والجامعات، وكذلك الأندية والأكاديميات الرياضية.
وبناء على ما سبق عرضه من مشكلة عدم توفر الموارد المالية الكافية لضخ استثمارات في الدول الأفريقية وانخفاض حجم صادرات مصر للدول الأفريقية ، فإن هذه الورقة تقدم 3 حلول ـ بدائل ـ نضعها أمام متخذ القرار ، تنطلق جميعها من : توظيف عقود الفرنشايز لتعزيز الصادرات السلعية والخدمية لقطاع البترول المصري لتكون مصدرا للنقد الأجنبي وجسراً لتعزيز التعاون المصري الأفريقي وتحسين وضع الميزان التجاري المصري وزيادة حجم التجارة البينية بين مصر والدول الأفريقية .
ونستعرض في السطور القادمة البدائل أو الحلول الثلاث المقدمة لمتخذ القرار
الحل الأول : فرنشايز التوزيع لزيادة الصادرات السلعية من منتجات شركات قطاع البترول
يمكن التغلب على مشكلة انخفاض صادرات قطاع البترول عبر استبدال نظام الصفقات التجارية المعمول به حالياً بنظام الوكيل التجاري لخلق شبكة من الوكلاء بالدول الأفريقية لكل صنف أو مجموعات أصناف متجانسة من المنتجات ( زيوت المحركات ـ كيماويات العناية بالسيارات ـ كيماويات الاستخدامات المنزلية ـ مهمات السلامة و الصحة المهنية ـ مستلزمات المواقع ـ الحفارات البرية والبحرية ـ الصهاريج ـ الأنابيب والأكواع ـ الصمامات ) .
ويمكن في سبيل ذلك طرح مزايدة عالمية لاختيار وكيل لكل شركة من الشركات يقوم بدور الوكيل الدولي للشركة وله منح وكالة فرعية لشبكة الوكلاء الفرعيين في كل دولة مع اشتراط نسبة مبيعات لكل سوق وفق الدراسة التي سيقدمها الوكلاء المتنافسون للأسواق ، وهو ما سيمكن من تصدير المنتج المصري إلى جميع أنحاء العالم و ليس لأفريقيا فقط ، و يمكن تطبيق نفس الآلية محليًا لحل مشكلة تسويق هذه المنتجات، حيث تفتقد الشركات المصرية لشبكة توزيع قوية على المستوى المحلي أيضا نظرا لاعتمادها على إدارات التسويق في تسويق منتجاتها محلياً دون الاعتماد على وكيل أو شبكة وكلاء يعملون على توسيع شبكة الموزعين.
و فيما يلي قائمة مبدئية مقترحة للشركات التي يمكن تصدير منتجاتها للسوق الأفريقي على أن يتم مراجعة فائض الطاقة الإنتاجية لكل شركةل للاستقرار على الشكل الأمثل لتصميم شبكة الوكلاء والموزعين.
الحل الثاني : فرنشايز التصنيع وفرنشايز الخدمات ..” تصدير العلامات التجارية والمعرفة الفنية ”
يمكن لقطاع البترول استثمار رأس المال الفكري المتمثل في الخبرات الفنية المتوفرة لديه في إدارة و تشغيل العديد من الشركات، حيث يمتلك قطاع البترول شركات تصنيع وشركات خدمات بترولية متخصصة وفريدة في أفريقيا يمكن استثمارها عبر نهج اقتصاد المعرفة القائم على استثمار رأس المال البشري والفكري من خلال منح حق امتياز تقديم الخدمة أو امتياز التصنيع تحت العلامات التجارية للشركات المصرية ، حيث تقوم كل شركة ذات اختصاص في مجال من مجالات ( تصنيع البترول أو البتروكيماويات أو الخدمات البترولية أو صيانة وتصنيع المعدات أو إنشاء وتجهيز مواقع البترول) ، بمنح حق الامتياز الصناعي أو الخدمي ( الفرنشايز ) لشريك في الدولة المضيفة ، وبمقتضى حق الامتياز تنقل له الشركة المصرية الخبرات الفنية والإدارية اللازمة لإدارة النشاط تحت العلامة التجارية للشركة المصرية مقابل نسبة من الأرباح ، أو نسبة من الأرباح ومبلغ مقدم كما هو معمول به في عقود الامتياز التجاري ، ويمكن أن تستوعب هذه المشروعات نسبة من فائض العمالة المتاحة لدى قطاع البترول والذي ستحتاجه هذه المشروعات خاصة في المراحل الأولى من عمر المشروعات.
وفيما يلي قائمة مبدئية مقترحة للشركات التي يمكن تصدير علامتها التجارية ومعرفتها الفنية عبر نظام الفرنشايز الصناعي والخدمي ، على أن يتم مراجعة هذه القائمة والإضافة والحذف منها وفقا لدراسة مؤهلات كل شركة لتطبيق النظام المقترح.
ـ تحتاج جميع الدول الأفريقية وبشدة لمصانع تعبئة البوتاجاز ،وتفتقر للخبرة الفنية في هذا المجال خاصة في ظل عدم انتشار شبكات الغاز الطبيعي في معظم دول القارة ، إن توريد عمولة سنتات قليلة عن تعبئة كل اسطوانة بوتاجاز في أفريقيا كفيل بأن يضع شركة مثل بتروجاس موضعاً آخر و يجعل لها مصدراً معتبرا للنقد الأجنبي، خاصة وأن مثل هذا المجال لا ينافسنا فيه شركات أجنبية. وهذا بعض من كل تحتاج إليه الدول الأفريقية ولا يكترث له المنافسون . ربما لانخفاض عائده مقارنة بباقي مشروعاتهم لكنه يبقى جسراً مهماً للتعاون بيننا وبين الدول الأفريقية ، فمثل هذه المشروعات ذات التمويل المنخفض هي فرصة الشراكة الأسهل بالنسبة للطرفين ، المصري والأفريقي .
ويضاف إلى ما سبق من مقترحات لمنح فرنشايز التصنيع : شركات التكرير والبتروكيماويات والبتروكيماويات الخضراء حيث تفتقد الدول الأفريقية للمعرفة الفنية والاستثمارات الأجنبية في تلك الصناعات ، وهي الصناعات التي قطعت فيها مصر شوطًا كبيراً ، ويمكن نقل الخبرات الفنية المصرية اللازمة لهذه الدول عبر نظام الفرنشايز الصناعي ،كما يمكن تمويل هذه المشروعات عبر أسواق رأس المال الدولية أو عبر المنح والمساعدات المقدمة للاقتصادات الأكثر هشاشة ومنها كثير موجه للدول الأفريقية.و يضاف إلى ما سبق من مصادر التمويل : بنك التنمية الجديد الخاص بدول البريكس ، كما يمكن طرح فرص الشراكة هذه عبر المنصة الاستثمارية الجديدة المزمع انشائها من قبل البريكس والتي وعدنا بعرض أفكار للاستفادة منها في مقالنا الأول من هذه السلسلة.
رابط المقال :
روشتة إنقاذ الجنيه (1) : استعداداً لـ ” منصة بوتين ” .. كيف يقتنص قطاع البترول ” فرص ” البريكس ؟
الحل الثالث : الثروة المعدنية .. استيراد فرنشايز التصنيع وعقود نقل التكنولوجيا لمناجم أفريقيا
يمكن لوزارة البترول ربط دخولها للأسواق الأفريقية بالحصول على حق استغلال المناجم في الدول الغنية بالثروات المعدنية بمقابل عادل وأفضل مما يقدمه المنافسون ، وتشغيل هذه المناجم بالاعتماد على شركاء مصريون أو أجانب مع دمجهم بشركاء أفارقة ،والتنسيق مع جهات التمويل للحصول على حصة من من التمويلات الموجهة لأفريقيا مع توفير عقود نقل تكنولوجيا أو فرنشايز تصنيع لهذه المشروعات التعدينية ، وهو ما سيوفر لمصر احتياجاتها من المعادن وتصدير الفائض إلى الخارج ، كما سيوفر للدول الأفريقية فرصة الشراكة العادلة واكتساب الخبرات الفنية في مجال التعدين لتحقيق عوائد أفضل لدولهم مما يقدمها المتنافسون الدوليون . والفكرة نفسها صالحة للتطبيق داخل مصر لاستغلال الثروة المعدنية المتاحة والاعتماد على الاستثمار غير المباشر بديلا للاستثمار المباشر الذي يتأثر بالتوازنات الدولية والتوترات السياسية .
الخاتمة
– بات اقتصاد المعرفة وتصدير حقوق الملكية الفكرية والعلامات التجارية يشكل موردًا هامًا للعملات الأجنبية في الاقتصادات المتقدمة وهو ما يستدعي اتخاذ التدابير اللازمة للاندماج في اقتصاد المعرفة لاستثمار رأس المال الفكري والبشري المتوفر لدى مصر في كافة القطاعات ، فما تم اقتراحه في هذه الورقة التي ركزت على قطاع البترول يمكن تطبيقه على كافة القطاعات وبنفس الآليات لزيادة صادرات مصر السلعية و الخدمية.
ـ تقدم هذه الورقة حلا لنشر المشروعات المصرية في ربوع أفريقيا دون تحمل شركات القطاع أو الخزانة العامة مزيد من أعباء الاستدانة حيث سيكون التمويل للشركاء من الدول الأفريقية وستستفيد الشركات المصرية بعوائد الفرنشايز الدولارية .
ـ إن تنوع المعرفة الفنية لشركات قطاع البترول المصري في مختلف المجالات الصناعية والخدمية يمكننا من رفع العلم المصري على مئات المشروعات في أفريقيا ، خاصة و أن بعض هذه المشروعات قد تكون مشروعات صغيرة كمشروعات البتروكيماويات الخضراء ومصانع تعبئة اسطوانات البوتاجاز.
– تعد البدائل التي تم تقديمها في هذه الورقة بدائل مكملة لبعضهما البعض ولا يغني أحدهما عن الآخر.
– إن ما تقدمه هذه الورقة هو بمثابة فلسفة جديدة للدبلوماسية الاقتصادية المصرية تجاه الدول الأفريقية تعني بتعزيز الشراكة مع الشعوب عبر المشروعات الصغيرة و المتوسطة بالشراكة مع القطاع الخاص عوضا عن الاستثمار المباشر في مشروعات البنية التحتية أو مشروعات البترول كثيفة استخدام رأس المال ، وهي فلسفة قائمة على ” تقاسم المنافع” بين الشعب المصري و الشعوب الأفريقية باعتبار مصر ” شريك اقتصادي عادل” و هو ما يعطي المشروعات المصرية في أفريقيا دعما و زخما شعبيا قد لا تتمتع به مشروعات اللاعبين الدوليين المتنافسين على موارد القارة.
ـ إن عشرات الفرص التي تملكها شركات القطاع كما أوضحنا يمكن طرحها عبر منصة البريكس الجديدة المزمع إنشائها ، كما يمكن طرحها عبر بوابة مصر الرقمية للاستكشاف والإنتاج في قسم جديد خاص بالشراكات يضاف إلى اختصاصات المنصة .
ـ إن الدخول للسوق الأفريقي عبر مشروعات البتروكيماويات الخضراء يجعل قطاع البترول مساهما رئيسيا في تفعيل مبادرات الدولة المصرية الثلاث تجاه أفريقيا وهي : المبادرة الرئاسية : حياة كريمة لأفريقيا و مبادرة وزارة التخطيط : تخضير الخطط الاستثمارية الأفريقية و مبادرة وزارة البيئة : مخلفات أفريقيا 2050 ، كما يمكن تمويل هذه المشروعات عبر منصة ” نوفي ” لتمويل المشروعات الخضراء في أفريقيا والتي أنشأتها وزارة التعاون الدولي ونجحت في حشد 14 مليار دولار لصالح المشروعات الخضراء في أفريقيا خلال عام 2022 فقط ، أي في عامها الأول .
التوصيات
1– إدراج مضمون مقترحات هذه الورقة كمحور ” ثامن ” ضمن محاور برنامج تحديث و تطوير قطاع البترول تحت عنوان ” محور تعزيز الصادرات “.
2– مراجعة تسعير المنتجات بناء على دراسة الأسواق المستهدفة وتعهدات الوكلاء حيث أن الأسعار الحالية محملة بتكلفة ثابتة مرتفعة نتيجة ارتفاع تكلفة الأجور بشركات البترول.
4– دراسة الأسواق الأفريقية و الدولية للوقوف على احتياجات كل دولة للتعاون في المجالات السابق ذكرها وتقدير حجم الصادرات المتوقع لكل منتج من منتجات شركات القطاع للاسترشاد بها عند الاختيار والمفاضلة بين الوكلاء المتنافسين .
5- اختيار الشركات المؤهلة لتصدير المعرفة الفنية ” الفرنشايز الصناعي والخدمي ” بناء على كفاءة العمليات والتشغيل ومهارات العاملين لاستثمار رأس المال البشري لقطاع البترول مع التركيز على المشروعات الخضراء وخاصة تدوير المخلفات الزراعية والتي تتمتع بفرصة كبيرة حيث أن أفريقيا قارة زراعية بالأساس كما أن تمويل هذه المشروعات متاح من خلال منصة ” نوفي ” لتمويل المشروعات الخضراء في أفريقيا.
6- إعداد نماذج عقود ( الفرنشايز ) ونوع التعاقد المقترح لكل شركة من شركات القطاع والذي سيعمل وفقا له الشركاء الحاصلين على حق الامتياز.
7- تصميم البرامج التأهيلية اللازمة للعاملين بالشركات التي سيتم تصنيفها كشركة قادرة على تصدير المعرفة ، حيث يتطلب المشروع تأهيل بعض العاملين لإدارة مشاريع الفرنشايز العابرة للحدود .
8- تصميم مؤشرات الأداء اللازمة لمتابعة وتقييم مدى تقدم كل شركة في تحقيق أهداف محور تعزيز الصادرات .
9-إنشاء وحدة متخصصة بالمكتب الفني تحت إسم ” وحدة تعزيز الصادرات ” لمتابعة وتقييم أعمال الشركات المساهمة في محور تعزيز الصادرات بناء على مؤشرات الأداء التي سيتتم تصميمها .
تذكير : الظروف الاستثنائية تحتاج منا جميعاً البحث عن حلول ومسارات استثنائية، وكل ما طُرح من أفكار في هذه الورقة يؤخذ منه ويرد ، وهو قابل للنقاش والتطوير والتعديل.
” روشتة إنقاذ الجنيه ” هي ” أفكار لحصد الدولار ” و ” خارطة طريق نحو أفريقيا ” ؛ نقدمها على صفحات بترونيوز استجابة لدعوة المهندس كريم بدوي خلال زيارة المنطقة الجنوبية والتي شجع خلالها على الابتكار والإبداع وتقديم الأفكار الجديدة بمختلف مواقع وأنشطة القطاع .
” روشتة إنقاذ الجنيه ” مجموعة من الحلول نقدمها دعمًا لاقتصادنا الوطني وقطاع البترول الذي نفخر بالانتماء إليه ..
اللهم احفظ مصر
السلسلة مستمرة ..
وللحديث بقية ..
اقرأ أيضاً المقالات السابقة من سلسلة ” روشتة إنقاذ الجنيه ” :
- روشتة إنقاذ الجنيه (1) : استعداداً لـ ” منصة بوتين ” .. كيف يقتنص قطاع البترول ” فرص ” البريكس ؟
- روشتة إنقاذ الجنيه (2) : استراتيجية العناقيد الصناعية لمشروعات البتروكيماويات النهائية
المصادر :
1- كتاب : روشتة إنقاذ الجنيه ، د.مصطفى العناني ، دار طفرة للنشر والتوزيع
2- محاور تعزيز التعاون الاقتصادي المصرى الإفريقى: الهيئة العامة للاستعلامات
3- أنشطة الشركات التابعة : موقع وزارة البترول و الثروة المعدنية
5- تقرير التعدين في أفريقيا 2020 : بالتركيز على التحديات المالية والأمنية ـ البنك المركزي المصري ـ قطاع التعاون الأفريقي
6- الفرص التصديرية الواعدة من واقع الاحتياجات الإفريقية والإمكانات المصرية 2020ـ البنك لمركزي المصري ـ قطاع التعاون الأفريقي
7- الشراكات الدولية لتحقيق التنمية المستدامة 2021 ، التقرير السنوي ـ وزارة التعاون الدولي .
المراجع :
1– الحسناوي، لحسن. ( 2022 ). دينامية التنافس الدولي على موارد الطاقة في أفريقيا وتداعياته.المستقبل العربى، مج 45 , ع 525 ، 59 – 76
2– بوخالفة، زهير. ( 2021 ). وسائل وآليات الاستراتيجية الصينية في القارة الأفريقية.مجلة القانون الدولي والتنمية، مج 9, ع 1، 332 – 351 .
3– تقرير متابعات أفريقية 2022 ـ مركز الملك فيصل للبحوث و الدراسات الإسلامية
4– شابو، وسيلة. ( 2020 ). مستقبل الاقتصاديات الإفريقية وفق أجندة 2063 .مجلة السياسة والاقتصاد، مج 6, ع 5، 1 – 34 .
5– محمد، فهد على أحمد. ( 2020 ). نظام الفرنشايز في التعاقدات: النشأة والتطور.فكر وإبداع، ج 131 ، 365 – 379 .
6– علي، ياسمين نبيل إبراهيم. ( 2018 ). أثر الوجود الإسرائيلي في إفريقيا على العلاقات العربية-الإفريقية.الأعمال الكاملة للمؤتمر العلمي الأول: مواجهة التحديات السياسية والإقتصادية في الأطر الإقليمية والدولية، مج 2، بني سويف: جامعة بني سويف – كلية الدراسات الإقتصادية والعلوم السياسية،569 – 597 .
7– قابيل، ماجد عبدالعظيم حسن. ( 2016 ). نحو معايير إقتصادية لقياس كفاءة المشاريع التى تدار بنظام الفرنشايز “الإمتياز التجارى” ودورها فى تنمية الاستثمارات الأجنبية فى مصر.مجلة البحوث الإدارية، مج 34 , ع 4 ،- 95
8– سليمان، عمرو محمد محمود. ( 2016 ). محددات الاستثمار الأجنبي المباشر: دراسة مقارنة على الدول النامية.المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، مج 7, ع 3، 653 – 688 .