مناجم سليمان وكنوز النحاس الضخمة.. هل امتلكها النبي الكريم؟ (فيديو وصور)
ما تزال مناجم سليمان تحيّر العلماء الذين يرجح بعضهم ملكيتها إلى النبي سليمان، في حين لا يستطيع البعض الآخر إثبات ذلك تاريخيًا.
ووفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تقع مناجم سليمان في الوادي المتصدع الكبير أو ما يُطلق عليه “الأخدود الأفريقي العظيم”، بالقرب من الحدود بين فلسطين والأردن.
ولم تكن تلك المناجم المزعومة مليئة بالذهب، بل كانت مصافي ضخمة لصهر النحاس، وسط اعتقادات أنها كانت المصدر الرئيس لثروة النبي سليمان التي تُعد من أضخم الثروات في العالم القديم.
غير أن بعض علماء الآثار والمؤرخين المعاصرين لم يتمكنوا من ربط الأدلة الأثرية بالروايات التوراتية، وشككوا في صحة الآراء التي تعتقد في وجود مزامنة بين المدة التي عاشها النبي سليمان وإنتاج النحاس في المنطقة.
مناجم سليمان المهجورة
هُجرت مناجم سليمان، أو مناجم النحاس الواقعة في صحراء النقب في فلسطين المحتلة، قبل 3 آلاف عام، حينما استعمل الناس الذين كانوا يسكنون المنطقة آنذاك جميع النباتات في تصنيع فحم الكوك اللازم لأغراض صهر النحاس، وفق دراسة نُشرت قبل عامين.
ودرس العلماء أجزاء صغيرة من الفحم المُستعمَل في الأفران القديمة في وادي تمناع جنوب فلسطين، حيث شهدت صناعة النحاس ازدهارًا خلال المدة من القرن الـ11 إلى الـ9 قبل الميلاد.
ووجد العلماء أن جودة الأخشاب المستعمَلة لصناعة الفحم قد تدهورت على مدار الأعوام الـ250 التي نشطت خلالها المناجم والمصاهر، حينما استهلك الناس جميع أشجار السنط البيضاء القريبة وشرعوا في استعمال أخشاب ذات جودة أقل بكثير، مثل جذوع أشجار النخيل.
وبحلول نحو 850 قبل الميلاد، تخلى الناس عن مناجم النحاس المذكورة، ولم تكن هناك حاجة إلى استغلال الصحراء المهجورة لمدة ألف عام.
وقال عالم الآثار النباتي، المؤلف الرئيس للدراسة، مارك كافاناغ: “بمضي الوقت، استعمل هؤلاء الناس كميات أقل وأقل من الأخشاب التي كانوا يعرفون منذ البداية أنها أفضل”، وفق تصريحات أدلى بها لموقع “لايف ساينس” Live Science في عام 2022.
صناعة قديمة
قال مارك كافاناغ إن وادي تمناع يُعد من أوائل الأماكن التي كانت موطنًا لتعدين النحاس في العالم القديم، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتلك المنطقة هي امتداد للصدع الأفريقي العظيم، ومن ثم فإن الكثير من المعادن المتكونة في أعماق قشرة الأرض مكشوفة بالقرب من السطح، بما في ذلك خامات النحاس.
ويعود بعض من أقدم الأدلة على صهر خام النحاس في وادي تمناع إلى نحو 7 آلاف و500 سنة، خلال العصر الحجري النحاسي، في نهاية العصر الحجري الحديث.
وفي بحث نشرته مجلة “ساينتفيك ريبورتس” في 21 سبتمبر/أيلول (2022)، درس كافاناغ وزملاؤه أجزاء من الفحم من فترة لاحقة خلال العصر الحديدي منذ نحو 3 آلاف عام، عندما كانت صناعة النحاس في أوجها في وادي تمناع.
وأوضح كافاناغ أن الخشب كان يُحرق أولًا في حفر تحت الأرض مع كمية صغيرة من الهواء لإنتاج الفحم الذي كان يحترق بدرجة أعلى بكثير، ولمدة أطول، في أثناء عملية صهر النحاس.
ولتحديد أنواع الأخشاب المستعمَلة في صناعة الفحم، استعان الباحثون بمجهر إلكتروني لفحص الخبث المتبقي من عملية الصهر، ليكتشفوا هياكل خلايا الأخشاب المستعمَلة، التي أظهرت أن خشب السنط كان يُستعمل على نطاق واسع في المراحل المبكرة من صناعة النحاس في تمناع، قبل استعمال خشب أقل جودة بكثير في أوقات لاحقة.
وفي النهاية هُجرت مناجم سليمان، وهو ما عزاه كافاناغ إلى الصعوبة البالغة التي واجهها الناس في إيجاد الأخشاب في مناطق مجاورة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
مناجم سليمان بين النفي والإثبات
يعتقد عالم الآثار النباتي مارك كافاناغ، أن المدة التي تتخلل القرنين الحادي عشر والتاسع قبل الميلاد، وهي التي ازدهرت فيها أنشطة تعدين النحاس في وادي تمناع، تتزامن مع الفترة التي حكم فيها النبيان داوود وابنه سليمان مدينة القدس؛ ما يرجح فرضية وجود مناجم سليمان.
في المقابل، يرى عالم الآثار والأستاذ الفخري في جامعة تل أبيب، إسرائيل فينكلشتاين، الذي لم يشارك في الدراسة الأخيرة، أنه لا توجد أدلة أثرية تثبت ملكية المناجم المزعومة للنبي سليمان.
وقال فينكلشتاين: “تشير الأدلة الأثرية إلى أن الأراضي التي حكمها النبيان داوود وسليمان كانت محدودة، ولم تصل إلى مواقع النحاس في الجنوب”، في تصريحات سابقة إلى لايف ساينس.
وبالمثل، قال أستاذ تاريخ الشرق الأدنى القديم في جامعة بنسلفانيا، جيمس دي موهلي، إنه لم يرد شيء بشأن مناجم سليمان في “الكتاب المقدس”.
دليل إثبات آخر
أسفر البحث الذي قاده عالم الآثار الأميركي نيلسون غلوك في عام 1934 عن العثور على كميات كبيرة من خبث صهر النحاس في وادي تمناع، جنوب صحراء النقب في فلسطين المحتلة.
واستشهد غلوك في اكتشافه بوجود أدلة على وجود أحياء بُنيت خصيصًا لعمال مناجم سليمان.
وبعد بضع سنوات، أعلن غلوك اكتشاف تل غامض في منطقة تل الخليفة الواقعة بين قرية أم الرشراش جنوب فلسطين والعقبة في الأردن.
وكان هذا التل يحوي مجمعًا ضخمًا من المباني بها ثقوب غريبة في جميع أنحاء الجدران؛ إذ اعتقد غلوك أن مجمع المباني هذا كان عبارة عن مصفاة ومصهر، وأن الثقوب كانت تسمح للرياح بإبقاء النيران مشتعلة.
وخلص غلوك إلى أن تل الخليفة هو مدينة الميناء القديم “عصيون جابر” التي ورد ذكرها في “الكتاب المقدس”، والتي كان يرسل النبي سليمان السفن عبره لجلب الكنوز والمعادن.
ويوضح الفيديو الآتي مشاهد من مناجم سليمان:
موضوعات متعلقة..
- تشغيل أكبر محطة لتكرير النحاس في الهند خلال أيام
- تباطؤ نمو إمدادات معدن النحاس يهدد جهود تحول الطاقة عالميًا (تقرير)
- ارتفاع الطلب على النحاس يمنح دفعة لدولتين عربيتين
اقرأ أيضًا..
- مشروع طاقة شمسية أكبر من مدينة لندن.. مليار لوح
- واردات الغاز الأوروبية عبر الأنابيب.. روسيا والجزائر وليبيا تسد الفجوة
- أدنوك للحفر تستحوذ على 55% من مشروع “تورنويل” للطاقة غير التقليدية
المصادر:
1.هُجرت مناجم سليمان قبل 3 آلاف عام من موقع لايف ساينس.
2. اكتشاف مجمع مباني يُعتقد أنه كان مصهر النحاس في عهد النبي سليمان من موقع إكسبلوررز ويب.
إقرأ: مناجم سليمان وكنوز النحاس الضخمة.. هل امتلكها النبي الكريم؟ (فيديو وصور) على منصة الطاقة