أحمد لطفى يكتب .. أبواب موصدة في قطاع مفتوح على المجهول
في زمن يشهد تحولات جذرية على كافة المستويات، تبدو بعض المؤسسات وكأنها تتجاهل أهمية دعم العاملين وتمكينهم من تطوير أنفسهم. قرارات متلاحقة تُغلق أبواب التطوير الشخصي، بدءًا من منع تسوية المؤهلات، التي تُعد مسارًا أساسيًا للارتقاء الوظيفي، إلى حرمان العاملين من الإجازات بدون مرتب أو فرص العمل بالخارج لتحسين أوضاعهم. وكأن المؤسسة تتعمد خنق الطموح وتعميق الإحباط.
هذه السياسات لا تكتفي بتجاهل معاناة العاملين، بل تسهم في تقويض فرص الصفوف الثانية والثالثة التي كان من الممكن أن تنقذ ما يمكن إنقاذه. فالقيود التي تُفرض دون تقديم بدائل منطقية أو محفزات داخلية، تُحوّل بيئة العمل إلى سجن بلا قضبان، حيث يصبح الالتزام عبئًا والطموح جريمة.
الأخطر من ذلك أن هذه القرارات تزرع بذور نزيف صامت للكفاءات. العاملون الذين يجدون أنفسهم محاصرين بالقيود، بلا أمل في تحسين أوضاعهم، لن ينتظروا طويلًا. الاستقالات قد تصبح الخيار الوحيد أمامهم، وهو ما يهدد المؤسسات بفقدان عقولها المدبرة وأي فرصة لاستدامة النجاح.
ومع غياب الرؤية، تتحول العلاقة بين الإدارة والعاملين إلى مواجهة صامتة. المؤسسات التي كان يُفترض بها أن تكون حاضنة للإبداع والتطوير، تتحول إلى كيان يدور حول نفسه، لا يرى سوى الحلول قصيرة الأمد التي تُغلق الأبواب أمام المستقبل.
يبقى السؤال: هل تُدرك القيادات أن ما تُقدمه من قرارات اليوم قد يُكتب في تاريخ المؤسسة كنقطة الانهيار؟ أم أنها تواصل السير على طريق بلا أفق، حيث النهاية الحتمية قد تكون أقرب مما نتصور؟
المؤسسات التي تُغلق أبواب التطوير تُطفئ آخر شموع الأمل. وما لم تُعد القيادات النظر في سياساتها، فإن المستقبل لن يرحم من اختار تجاهل صوت الواقع.