داليا جمال تكتب : جنابه..خط أحمر !!
حينما وقف لويس الرابع عشر قائلا بكل غرور وصلف قولته الشهيره ( أنا الدوله.. والدولة أنا ) لم يكن يعرف أن جملته ستكون أول مسمار فى نعش الحكم الملكى الفرنسى وبداية للثوره الفرنسيه التى امتدت نحو عشرون عاما إختلط فيها الانتقام بالدم والدموع والكراهيه من الشعب تجاه حكامه الذين اعتقدوا انهم فوق النقد..وفوق الكلام وفوق الشعب وأن الاقتراب منهم ..خط أحمر!
ولأننا اليوم نعيش فى زمن يعتقد فيه كل مسئول فى مصر نفسه خط أحمر!! بداية من أصغر مدير لأصغر مصلحه حكوميه وحتى أعلى منصب فى أى مؤسسه
معتبراأنه يمثل الدوله وأن هيبته من هيبتها ومكانته يجب أن تترسخ فى القلوب كمكانة مصر . وهو ما عبرعنه الراحل العظيم خالد صالح فى فيلمه الرائع “هى فوضى “عندما قال وهو أمين الشرطه الفاسد( اللى يزعل حاتم يبقى زعل مصر)!! وهو ما يعكس حالة جنون العظمه وتأليه الذات التى أصابت الكثير من المسئولين !
صحيح أنه من الجميل أن يشعر المسئول بأنه جزء من مصر وأن مواقفه وقراراته لها هيبة لا تصد وأمر لا يرد لأنها بالفعل قد اتخذت من أجل مصر . ولكن للأسف الشديد فإن الغالبية العظمى من المصابين بداء “أنا الدوله والدولة أنا”من المسئولين قد انتابهم شعور بأنهم فوق المواطنين وفوق المساءله دون أن يمثلوا قيمة حقيقيه تضيف شيئا لمصر, ويقينا نعلم أن هناك جهات سياديه بعينها فى مصر تعتبر بالفعل خط أحمر نظرا لطبيعة عملها وتاثيره على أمن الوطن خاصة فى هذه المرحله الحرجه , ولكن أن نصل لمرحلة شعور كل موظف عام بأنه خط احمر !!
سواء كان يشغل منصبا رفيعا أم تخينا سواء كان وزيرا مسئولا عن وزاره خدميه تهم حياة المواطن اليوميه أو حتى رئيس الجمعيه الزراعيه بأصغر قريه نائيه فى مصر..فهذه هى الكارثة الكبرى والتى أصبحنا نرصدها فى كل يوم على صفحات الجرائد ووسائل الإعلام فما إن ينتقد صحفى او إعلامى تقصير مسئول فى عمله حتى نرى المسئول قد انبرى وانتفض مدافعا عن نفسه وعن قراراته ومن ورائه رؤسائه يدافعون ويبررون معتبرين مجرد نقد هذا الموظف نوعا من التجاوز للخطوط الحمراء وجب أن يتوقف فورا فتكف الأقلام وتطوى الصحف بحجة مصلحة البلد!!
لينعم هذا المسئول بكل فشله وعجزه وفساده دون ان يجرؤ احد عن المساس به !! والسؤال الذى أبحث ان إجابته كصحفيه ومواطنه مصريه ماهى الحدود المقبوله للتعليق والنقد الان فى هذا البلد؟؟ ومن هو المسئول الحكومى الذى يجب ان أعتبره خطا احمر فلا يجوز المساس به أو الاقتراب من حرمه المقدس!!ومن هو المسئول الذى من حقه ان يقول لنا انا الدوله والدولة أنا..لأننى للحق أرى ان كل من يطلقون على أنفسهم أنهم خط احمر فى هذا البلد لا يستحقون سوى قلم أحمر ليس لتعظيم شأنهم..بل للشطب عليهم فقط لا غير…فمصر هى مصر ولن تكون غير مصر سواء بك أو من غيرك. وجنابك لن تكون خط أحمر.