التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي قد يصبح كارثة.. و24 بئرًا تخيب الآمال
شهدت عمليات التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي زخمًا خلال الآونة الأخيرة، بحثًا عن المواقع المحتملة للوقود النظيف، ما من شأنه أن يدعم عمليات تحول الطاقة.
وعلى الرغم من ذلك، حذّر عالم جيولوجي من أن الاندفاع نحو الهيدروجين الطبيعي قد يُصبح “سرابًا”، بدلًا من أن يكون “طوق نجاة” للتخلص التدريجي من الاعتماد على النفط والغاز والفحم.
وكشف العالم فيتالي فيدافسكي -الذي يتمتع بخبرة تزيد على 35 عامًا في هذا المجال- أن شركات الطاقة حفرت 24 بئرًا في مالي بين عامي 2017 و2019، دون تدفّق تجاري من أيّ بئر “باستثناء الاكتشاف العرضي الأصلي”.
وتابع، في تصريحات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن): “التوقعات قاتمة للغاية.. سيصاب المستثمرون بخيبة أمل إلى درجة الانسحاب”.
هذه ليست مجرد وجهة نظر متشائمة أخرى، ولكنها تحذير من شخص كان يدرس الهيدروجين الطبيعي منذ عام 1985، قبل وقت طويل من أن يصبح أحدث ضجة في قطاع الطاقة.
ما هو الهيدروجين الطبيعي؟
حسب تعريفه من جانب منصة الطاقة المتخصصة، يُطلَق الهيدروجين الطبيعي على الغاز الموجود بصورة حرة في طبقات الأرض الجوفية، وعادةً ما يُستخرج عبر عمليات الحفر، مثل التكسير المائي وحقن مزيج من المياه والرمال والمواد الكيميائية، في ضغط مرتفع، بهدف إطلاق الغاز من الصخور.
كما يُعرف باسم الهيدروجين الأبيض، لتمييزه عن الهيدروجين الأخضر المستخلص من الماء، والهيدروجين الأزرق المستخلص عبر حرق الوقود الأحفوري، مع استعمال تقنية احتجاز الكربون وتخزينه، وغيره من الأنواع.
احتياطيات الهيدروجين الطبيعي
تشير دراسة حديثة إلى وجود ما يصل لنحو 5 تريليونات طن من احتياطيات الهيدروجين الطبيعي داخل الخزانات الجوفية تحت الأرض في جميع أنحاء العالم، ما زالت غير مكتشفة حتى الآن.
اليوم، مع تدفُّق مليارات الدولارات إلى شركات الاستكشاف للتنقيب عن الهيدروجين الطبيعي، يُلقي العالم فيتالي فيدافسكي بـ”قنبلة” من شأنها أن تجعل آذان المستثمرين تنتبه: ربما تعمل الصناعة بأكملها وفقًا لنموذج معيب أساسًا.
بينما تبحث الشركات عن “خزانات” هيدروجين مماثلة لرواسب النفط والغاز، يزعم “فيدافسكي” أن هذه الخزانات ببساطة لا يمكن أن تكون موجودة.
وقال في حوار نشرته منصة “إنرجي نيوز” (Energy News): إن “الهيدروجين متقلب للغاية، وعدواني كيميائيًا للغاية، بحيث لا يشكّل رواسب مضغوطة”.
ومن ثم، فإن الخصائص ذاتها التي تجعل تخزين الهيدروجين ونقله على السطح أمرًا صعبًا، تجعل من المستحيل على الطبيعة حبسه تحت الأرض بالطريقة التي تفترضها معظم الشركات، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
نموذج مختلف للتنقيب عن الهيدروجين
بدلًا من ذلك، يدعم “فيدافسكي” وزملاؤه نموذجًا مختلفًا: الهيدروجين البدائي العميق يتدفق عبر “مداخن” ديناميكية من قلب الأرض.
ومن ثم، فإن الأمر لا يتعلق بإيجاد خزان محاصر، بل يتعلق بالاستفادة من هذه التدفقات الطبيعية.
وبينما قد تبدو التوقعات قاتمة، لا يقترح “فيدافسكي” أن نتخلى عن استكشاف الهيدروجين الطبيعي، ولكنه يدعو -بدلًا من ذلك- إلى تحول كامل في النموذج في كيفية التعامل معه.
قد لا يكمن الحل في الآبار العميقة أو تكنولوجيا الحفر الأكثر تقدمًا، ولكن بإعادة التفكير أساسًا فيما يُبحَث عنه.
مع تقدُّم الصناعة، يظل السؤال قائمًا: هل يكون المستثمرون والشركات على استعداد لتحدّي افتراضاتهم الأساسية قبل فوات الأوان؟ الوقت يمضي بسرعة، والمليارات من الدولارات -ناهيك عن مستقبل الطاقة النظيفة- تظل معلّقة.
وقال فيدافسكي: “ربما لا تكمن الإجابة في أعماق الأرض، بل في استعدادنا للاعتراف بأننا ربما كنا ننظر إلى الأمر برمّته نظرة خاطئة منذ البداية”.
اكتشاف الهيدروجين الطبيعي في مالي
كان المسار الحالي للصناعة مستوحى إلى حدٍّ كبير من اكتشاف مالي في عام 2012، حيث ضربت بئر ماء الهيدروجين عن طريق الخطأ، ولكن “فيدافسكي” يشير إلى أن قصة النجاح هذه قد تضلل الجميع.
فعلى الرغم من حفر 20 بئرًا في المنطقة نفسها، لم يُعثر على أيّ تدفقات تجارية أخرى؛ إلّا أن الشركات في جميع أنحاء العالم تواصل تكرار هذا النهج، على أمل الحصول على نتائج مختلفة.
وأشار “فيدافسكي” إلى أن الهيدروجين الطبيعي قد يكون بمثابة “تَذكرة” البشرية إلى الطاقة النظيفة الدائمة، المتاحة في أيّ مكان تقريبًا على وجه الأرض.
ولكن إذا فشلت طفرة الاستكشاف الحالية بسبب افتراضات خاطئة أساسًا، فقد يؤدي ذلك إلى تأخير المجال لعقود من الزمن.
ويحذّر فيدافسكي قائلًا: “هذا يعني أن البشرية ستفوّت فرصة هائلة”.
والمأساة لا تتعلق فقط بالاستثمارات الضائعة؛ بل تتعلق أيضًا بعرقلة ما يُمكن أن يكون الثورة الأكثر أهمية في مجال الطاقة منذ اكتشاف النفط، وفق التصريحات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
موضوعات متعلقة..
- إنتاج الهيدروجين الطبيعي قد يبلغ 17 مليون طن سنويًا في 2050
- تساؤلات حول تطوير الهيدروجين الطبيعي.. ولماذا شركات النفط أفضل للقطاع؟
- الهيدروجين الطبيعي.. “سيجارة” تمهد الطريق لـ5 تريليونات طن
اقرأ أيضًا..
- اكتشافات النفط والغاز في 2024.. رواج كبير بـ3 قارات وحضور لدول عربية
- سوق الغاز في 2025.. ارتفاع متوقع للأسعار وهذه ستكون أكبر دولة منتجة
- قدرات الطاقة النووية تسجل طفرة خلال 2024.. ماذا حدث في مصر والإمارات؟
- شركات السيارات الكهربائية تتعثر في 2024.. ماذا حدث لعمالقة الصناعة؟
المصادر:
- تصريحات العالم الجيولوجي فيتالي فيدافسكي عن الهيدروجين الطبيعي من منصة “إنرجي نيوز”.
- تعريف الهيدروجين الطبيعي من موسوعة الطاقة.
إقرأ: التنقيب عن الهيدروجين الطبيعي قد يصبح كارثة.. و24 بئرًا تخيب الآمال على منصة الطاقة
