هل يرتفع إنتاج النفط الأميركي 3 ملايين برميل يوميًا في عهد ترمب؟
خلال العام الماضي 2024، ارتفع إنتاج النفط الأميركي إلى أعلى مستوى له في التاريخ، وهو أمر كانت له انعكاسات مهمة على مستقبل قطاع الطاقة العالمي، وأثر كبير في أسواق الطاقة.
يقول مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن وصول الإنتاج الأميركي إلى أعلى مستوياته خلال 2024 ليس السبب الرئيس في تخفيض أسعار النفط.
وأوضح أن انعكاس ارتفاع إنتاج النفط الأميركي مهم جدًا، لا سيما بعدما أصدرت إدارة معلومات الطاقة الأميركية بيانات شهر أكتوبر/تشرين الأول، وهي أحدث بيانات متاحة، والتي أشارت إلى زيادة كبيرة في الإنتاج.
وأضاف: “الزيادة الكبيرة في أكتوبر/تشرين الأول مقارنة بشهر سبتمبر/أيلول سببها انتعاش إنتاج النفط في خليج المكسيك، إذ كان متوقفًا بسبب الأعاصير ثم عاد، ولكن كانت هناك زيادة فعلية في إنتاج النفط الصخري، ولكنها قليلة مقارنة بالماضي”.
جاء ذلك خلال حلقة جديدة من برنامج “أنسيّات الطاقة”، قدّمها الدكتور أنس الحجي على مساحات منصة “إكس” (تويتر سابقًا)، بعنوان: “أسواق النفط والغاز.. أهم أحداث 2024 وتوقعات 2025”.
أهمية زيادة إنتاج النفط الأميركي
قال الدكتور أنس الحجي، إن خبر زيادة إنتاج النفط الأميركي يكتسب أهميته من أن الرئيس دونالد ترمب وإدارته كانوا قد وعدوا بزيادة الإنتاج بصورة كبيرة خلال السنوات المقبلة، واقترحوا رقم 3 ملايين برميل يوميًا.
وأضاف: “هذه الزيادة المقترحة -نحو 3 ملايين برميل يوميًا- لا يمكن بأي شكل من الأشكال، بالنسبة إلى ترمب أو أي شخص آخر يحل محله، أن يحقّقها، وذلك لعدة أسباب أساسية، أولها أن الزيادة التي حصلت في السنوات الأخيرة في عهد بايدن -خاصة في 2024- أوصلت الإنتاج لأعلى مستوياته تاريخيًا”.
ولفت الدكتور أنس الحجي إلى أن الأزمة تكمن في وصول إنتاج النفط الأميركي في الوقت الحالي إلى حدود 13.5 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، وهو ما يمكن مقارنته بإنتاج السعودية البالغ حاليًا نحو 9 ملايين برميل يوميًا.
وتابع: “بالطبع تستطيع السعودية زيادة إنتاجها إلى أكثر من 12 مليون برميل يوميًا، ولكن بسبب الخفض الطوعي وإدارة السوق، يبلغ الإنتاج حاليًا نحو 9 ملايين برميل يوميًا، في حين الإنتاج الأميركي، البالغ 13.5 مليون برميل يوميًا، تأتي 9 ملايين برميل منه من النفط الصخري”.
وأوضح أن نحو 4 ملايين برميل يوميًا تحتاج إلى استثمارات للتعويض عنها سنويًا، أو بعبارة أخرى، إذا لم يتم الاستثمار اليوم في النفط الصخري فسينخفض إنتاج النفط الأميركي من 9 إلى 5 ملايين برميل يوميًا خلال سنة واحدة فقط.
وأردف: “يمكن شرح الأمر أكثر بأن معدلات النضوب عالية جدًا، وكلما زاد الإنتاج زادت هذه الكمية التي يجب التعويض عنها، لذلك فإن ترمب لديه مشكلة كبيرة، لأن بلوغ الإنتاج مستوى قياسيًا كما هو الحال الآن، يعني أن أغلب استثمارات الصناعة ستذهب فقط للتعويض عن الإنتاج، لإبقائه كما هو”.
لذلك، فإن ترمب لا يمكنه زيادة الإنتاج بهذه النسب المقترحة، لأنه يحتاج إلى أموال لزيادة الإنتاج 4 ملايين برميل فقط للتعويض، فإذا كان يريد 3 ملايين برميل أخرى، فهو يريد استثمارات لم تحدث في تاريخ الولايات المتحدة، وهذا أمر لن يحدث.
وأشار الدكتور أنس الحجي إلى أن هناك أسبابًا أخرى لعدم قدرته على زيادة الاستثمارات، منها أنه في ولايته الأولى كانت أسعار الفائدة منخفضة جدًا، والآن هي 4 أضعاف ما كانت عليه، والسبب الرئيس في زيادة إنتاج النفط الأميركي خلال هذه المدة يرجع إلى انخفاض الأسعار.
أما السبب الأخير، وفق الحجي، فهو أن ترمب في فترة رئاسته الأولى للولايات المتحدة، كانت هناك شركات صغيرة كثيرة، وشركات متوسطة، وكان هدف الشركات الصغيرة “العائلية” أن تستدين من البنوك أو الصناديق الاستثمارية والقيام بعمليات حفر كبيرة، لزيادة الاحتياطيات والإنتاج، وليس لتحقيق أرباح.
ولكن الهدف هو أن تكبر الشركة بحيث يجعلها مغرية للشركات الكبيرة لتشتريها، ومع ذلك بالاطلاع على التدفقات النقدية لهذه الشركات يتضح أنها كلها خاسرة، لكنها عندما تكبر بهذا الشكل تُباع بأضعاف تكاليفها إلى شركات أكبر وتحقق أرباحًا بعد البيع.
إنتاج الغاز المسال الأميركي وصادراته
قال الدكتور أنس الحجي إن وصول إنتاج وصادرات الغاز المسال الأميركية إلى أعلى مستوى لها في التاريخ، يُعد من أبرز الأحداث التي شهدها العام الماضي 2024، وهذا ينطبق أيضًا على صناعة الغاز العالمية.
وأضاف: “فقط كانت هناك زيادة كبيرة ومطردة في السنوات الأخيرة، إذ كانت الصادرات تزيد عامًا بعد عام من جميع أنحاء العالم، أما بالنسبة للعالم ككل فقد بلغ متوسط الصادرات في عام 2023 نحو 413 مليون طن، وهو الرقم الذي ارتفع في عام 2024 إلى 414 مليون طن”.
وأوضح الدكتور أنس الحجي أن هذا الرقم يُعد أكبر مستوى قياسي وصلت له الصادرات، ولكن الزيادة بين عامي 2023 و2024 تُعد الأقل التي حدثت منذ سنوات طويلة، وهذا يعود إلى أسباب متعددة، أبرزها المشكلات في روسيا ووقف مشروع “أركتيك إن إل جي 2”.
كما تتضمّن الأسباب التأخير في الولايات المتحدة وتأثير الأعاصير في الإنتاج، وكل هذا خفّف من نمو صادرات الغاز المسال، لذلك فإن صناعة الغاز المسال العالمية تمكنت من الوصول إلى أعلى مستوى للإنتاج والصادرات، رغم تسجيلها أقل زيادة في تاريخها.
وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، تنطبق الأمور نفسها، إذ وصل إنتاج الغاز الأميركي وصادراته إلى أعلى مستوياته في العام الماضي، ولكن الزيادة كانت منخفضة، إذ زادت الصادرات من 86 مليون طن في 2023 إلى 88 مليون طن في 2024.
وتابع: “وجدنا ترمب يطالب الاتحاد الأوروبي بشراء مزيد من النفط والغاز الأميركيين، وهناك تطور جديد مؤخرًا يدل على عزم أميركا منذ 2014 إحلال غازها محل الغاز الروسي، إذ وصلت أول شحنة غاز أميركي إلى أوكرانيا، التي أبرمت عقدًا مع شركة غازبروم الروسية، يتجدد كل 5 سنوات”.
ولكن، وفق الدكتور أنس الحجي، أميركا صدّرت الغاز المسال إلى أوكرانيا التي لا تمتلك منصات غاز مسال لتسلم هذا الغاز وتعيد تغويزه، ولكن ما يحدث الآن أن الغاز المسال الأميركي يذهب إلى اليونان التي تملك محطة إعادة تغويز، فتعيد تغويزه وترسله عبر الأنابيب إلى أوكرانيا.
وأشار إلى أن أوروبا ككل لديها شبكة أنابيب ضخمة جدًا توصل كل الدول الأوروبية ببعضها، وبالتالي تستطيع إيصال هذا الغاز إلى أوكرانيا عن طريق شبكه الأنابيب، وبالطبع كييف ليست بجوار اليونان أو تملك حدودًا معها، لذلك سيمر الغاز الأميركي في دول عديدة حتى يصل إلى أوكرانيا.
موضوعات متعلقة..
- إنتاج النفط الأميركي يقترب من 13.5 مليون برميل يوميًا
- سياسات ترمب المنتظرة.. هل يزيد إنتاج النفط الأميركي ويلغي قوانين تغير المناخ؟ (مقال)
- إنتاج النفط الأميركي ينخفض 157 ألف برميل يوميًا بقيادة خليج المكسيك
اقرأ أيضًا..
- وقف ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا.. خبير يكشف أبرز المستفيدين والمتضررين
- قطاع الغاز العربي في 2024.. السعودية تقود الاكتشافات و3 دول تبرم صفقات تصدير
- أنس الحجي: الذكاء الاصطناعي يؤثر في أسواق الطاقة.. وهذا مصير الغاز المسال القطري (تقرير)
المصادر:
إقرأ: هل يرتفع إنتاج النفط الأميركي 3 ملايين برميل يوميًا في عهد ترمب؟ على منصة الطاقة