صناعة التكرير في أفريقيا خلال 2025.. دولتان عربيتان تقودان المشهد
تُظهر صناعة التكرير في أفريقيا آفاقًا إيجابيةً خلال العام الجاري (2025)، في ضوء استعداد العديد من بلدان القارة لضخ استثمارات في قطاع النفط والغاز لمواكبة الطلب المتنامي.
وتبرز مصر وليبيا لاعبين رئيسين في قطاع تكرير النفط في أفريقيا، لما يمتلكه البلدان العربيان المتجاوران من مصافٍ عديدة ومشروعات قيد التطوير في قطاع الخام، تدعم الطلب المتنامي.
ووفق آخر تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، يُتوقع أن تشهد سوق تكرير النفط في أفريقيا معدل نمو سنوي مركب يتجاوز 2.5% خلال المدة من عام 2025 إلى عام 2030.
كما تشير توقعات إلى نمو صناعة التكرير في أفريقيا على المدى القصير، بفضل الاستثمارات المتزايدة في البلدان النامية، مثل نيجيريا والجزائر وتونس وأنغولا.
غير أن أسعار الوقود المرتفعة في المنطقة ربما لا تجعل الطريق مفروشًا بالورود أمام نمو تلك السوق الحيوية خلال السنوات المقبلة.
الطلب على المشتقات النفطية
من المتوقع أن يَبقى الطلب على المشتقات النفطية، بما في ذلك الديزل ووحدات التكسير الهيدروليكي، قويًا خلال المدة بين عامي 2024 و2025، وفق ما خلصت إليه شركة أبحاث السوق ريستاد إنرجي.
وفي معرض استجابتها لهذا التوجه تسرع مصافي التكرير العالمية وتيرة استثماراتها في سعة التكرير النفطي، بهدف سد احتياجات الطلب المتنامي على الطاقة، ومواكبة توجهات الصناعة المتغيرة باستمرار.
وعلى غرار نظيرتها العالمية، ما تزال آفاق صناعة التكرير في أفريقيا قوية، مع وجود عوامل عديدة تؤثر في النمو والاستثمارات عبر القطاع.
ووفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة، هناك 3 توجهات ترسم ملامح صناعة التكرير في أفريقيا هذا العام، وهي:
1. مخاوف أمن الطاقة
سيصل الطلب على الطاقة عالميًا إلى 120.1 مليون برميل نفط يوميًا بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، صعودًا بنسبة 24% من المستويات الحالية، بحسب أرقام صادرة عن منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.
ولسد هذا الطلب المتنامي على الطاقة، شرعت بلدان، لا سيما الغنية بالنفط، في منح أولوية للاستثمار في صناعة التكرير بأفريقيا عبر زيادة السعة، بهدف تعظيم استغلال موارد النفط والغاز خلال العام الجاري (2025) وما بعده.
وتخطّط أوغندا، على سبيل المثال، لتطوير مصفاة تكرير لاستغلال موارد النفط والغاز لديها، في حين تحقق مصر تقدمًا في مشروع مصفاة تكرير سعة 208 آلاف برميل يوميًا، وبتكلفة إجمالية قدرها 700 مليون دولار، في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس.
وتمتلك مصر أكبر مصفافي للنفط في أفريقيا؛ إذ تضم 12 مصفاة وأكثر من 10 شركات لتكرير النفط.
وتشمل قائمة المصافي الكبرى في البلد العربي الواقع شمال أفريقيا تلك التابعة لشركة الشرق الأوسط لتكرير النفط (ميدور)، باستثمارات تلامس قرابة 9 مليارات دولار، وشركة القاهرة لتكرير النفط (كورك).
وازدهر قطاع التكرير في مصر خلال العقدين الماضيين، بفضل جهود الحكومة لتطوير قدرات القطاع وتسريع وتيرة الاستثمارات الخاصة.
وبالمثل تستهدف أنغولا تحقيق سعة إنتاج نفط قوامها 30 ألف برميل يوميًا في مصفاة كابيندا في عام 2025. كما تتطلع لواندا إلى تعزيز السعة الإجمالية للمنشآة إلى 400 ألف برميل يوميًا خلال السنوات المقبلة.
2. وتيرة تحول الطاقة
بينما يستعد مسار تحول الطاقة لقيادة الطلب على المواد البتروكيميائية الخام، يُتوقع أن تُسهم صناعة التكرير لدى أفريقيا في تحديث المنشآت وتطويرها، بهدف دعم تصنيع منتجات مثل الأمونيا التي لا غنى عنها لإنتاج الأسمدة العضوية.
وفي هذا السياق نجحت ليبيا في تحديث البنية التحتية في أول مصنع لإنتاج الميثانول في ديسمبر/كانون الأول المنصرم، لترفع بذلك الإنتاج إلى ألف طن متري يوميًا.
كما طوّرت الشركة الليبية للأسمدة المصفاة المملوكة لها، للوصول بسعتها الإنتاجية إلى 1750 طنًا يوميًا خلال ديسمبر/كانون الأول (2024).
إلى جانب ذلك أبرمت تنزانيا اتفاقية بقيمة 1.2 مليار دولار مع شركة إي إس إس إيه إنداستريز (ESSA Industries)، لتطوير مصفاة ومصنع لإنتاج الأسمدة، لإنتاج مليون طن من اليوريا سنويًا.
وتطور شركة النفط الوطنية في أنغولا سونانغول (Sonangol) مصفاة بقيمة 120 مليون دولار، ومصنعًا لإنتاج الأسمدة في مدينة سويو شمال أنغولا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
3. سياسات خفض الانبعاثات وظهور تقنيات جديدة
من المرجح أن تؤثر مسألة استحداث سياسات لخفض الانبعاثات الكربونية واستعمال تقنيات جديدة في صناعة التكرير لدى أفريقيا، إيجابًا في القطاع برمته، في ضوء الاستثمارات المكثفة التي يضخها أرباب المشروعات في حلول تقنية متطورة تتواءم مع قواعد العمل المناخي ومعايير النفط العالمية.
وتعكف شركة النفط الوطنية النيجيرية، على سبيل المثال، على تنفيذ عملية إعادة تأهيل مصفاة كادونا (Kaduna)، عبر استعمال التقنيات الحديثة، بهدف استعادة 60% من سعتها الإنتاجية، وضمان الامتثال للشهادات والمعايير العالمية.
رحلة مصافي التكرير الأفريقية
لم تكن صناعة التكرير في أفريقيا موجودة قبل عام 1954؛ إذ شهدت العقود الـ5 ما بين عامي 1954 و2004، إنشاء 48 مصفاة، أسهمت في تعزيز سعات التكرير في القارة.
ففي عام 1954 كانت أفريقيا على موعد مع إنشاء أول مصفاة لتكرير النفط في الجزائر العاصمة، تلاها بناء عدد من المصافي التابعة لشركات النفط الأجنبية في أنغولا وكينيا وغانا والسنغال وكوت ديفوار والغابون وتنزانيا ونيجيريا.
وفي أعقاب تأميم صناعة النفط في العديد من البلدان، وتحديدًا خلال سبعينيات القرن الماضي، بُني العديد من مصافي النفط الوطنية مثل أرزيو في الجزائر، ووري في نيجيريا، وكوراف في الكونغو، وسونارا في الكاميرون.
وخلال ثمانينيات القرن الماضي ظهرت المرحلة الأخيرة من بناء المصافي في أفريقيا، بما في ذلك المصافي في واري وبورت هاركورت لدى نيجيريا.
وشهد عام 2001 إنشاء مصفاة الخرطوم في السودان، ثم أُنشئت مصفاة ميدور في مصر بالمنطقة الحرة في العامرية بالإسكندرية 2002، بسعة إنتاجية تلامس 100 ألف برميل يوميًا.
اقرأ أيضًا..
- حصاد وحدة أبحاث الطاقة.. تغطية عربية وعالمية لأحداث 2024 وتوقعات 2025
- رفع أسعار الوقود في السعودية يهبط بأسهم 7 شركات بتروكيماويات
- خيبة اكتشافات الغاز وأزمة خط أنابيب.. 5 دول عربية لم يحالفها الحظ في 2024
موضوعات متعلقة..
- قدرات التكرير في أفريقيا عام 2023.. هذه الدولة تتحول لأكبر مركز خلال عامين
- أكبر مصفاة نفط في أفريقيا تهدد أوروبا بخسارة 17 مليار دولار سنويًا
- إنتاج مصافي التكرير العالمية قد يرتفع مليون برميل يوميًا بقيادة الشرق الأوسط
المصادر:
إقرأ: صناعة التكرير في أفريقيا خلال 2025.. دولتان عربيتان تقودان المشهد على منصة الطاقة