سيناريوهات تشغيل مراكز البيانات الأميركية.. الغاز الطبيعي أم الطاقة النووية؟
يربط مشغّلو مراكز البيانات الأميركية الاندفاع في ثورة تطوير الذكاء الاصطناعي بتأمين إمدادات كهرباء نظيفة بعيدًا عن الوقود الأحفوري.
وفي خضم هذا الطموح، واجهت المراكز فجوة عميقة قد تعطّل عملها، بالوقوع في فجوة ما بين معروض الكهرباء النظيفة الحالي والطلب المتوقع مستقبلًا ليواكب هذه التوسعات.
وفي الوقت الذي ما زالت تخطو خلاله الطاقة النووية في البلاد باتجاه التطوير، يتبادر إلى الأذهان تساؤل حول “هل تنتظر مراكز البيانات؟”، وهل تترقب ثورة الذكاء الاصطناعي الانتهاء من المشروعات النووية الجديدة؟.
وكشفت خطط شركات التقنيات الكبرى، التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، أن برامج الذكاء الاصطناعي كثيفة الاستهلاك ستعتمد بقوة على الكهرباء المولّدة من الغاز الطبيعي، حتى نهاية العقد الجاري.
فرص الكهرباء المولدة من الغاز الطبيعي
تزداد فرص الكهرباء المولدة من الغاز الطبيعي بصفتها خيارًا أمثل بين مصادر كهرباء تشغيل مراكز البيانات المثيرة للجدل، في ظل محاولات المواءمة بين التطوير وخفض الانبعاثات.
وتسعى شركات التقنيات الجديدة إلى إطلاق العنان لمراكز البيانات الأميركية، لتسريع وتيرة تطوير الذكاء الاصطناعي في ظل اتّساع رقعة مستهلكيه عالميًا.
وتتطلب هذه الوتيرة المتسارعة اتجاه شركات -مثل: مايكروسوفت، وأمازون، وميتا، وغوغل- إلى تأمين كهرباء نظيفة وموثوقة، وفي الوقت ذاته الإبحار بعيدًا عن مصادر الكهرباء المسبّبة لزيادة معدل الانبعاثات.
وتظهر الكهرباء المولدة بالغاز الطبيعي بوصفها حلًا تُمسك به الشركات العصا من منتصفها؛ لتلبية الطلب الآخذ بالارتفاع حتى 2030، دون التسبب في تزايد الاعتماد على الوقود الأحفوري.
ويمكن أن ينطبق ذلك على الحزمة الأولى من مراكز البيانات الأميركية الجديدة، التي تستعد للتشغيل في غضون السنوات المتبقية من العقد الجاري.
وتعزز مرونة البنية التحتية للمراكز المرتَقب تحوّلها للتشغيل بالطاقة النووية خلال العقد المقبل، وفق طموح الشركات المطورة.
ربط مراكز البيانات
يمكن ربط مراكز البيانات الأميركية بمحطات الكهرباء العاملة بالغاز، بالنظر إلى أن استقرار الإمدادات الأساس الرئيس الذي يقوم عليه عمل المراكز.
ويضمن الغاز للمراكز التزود بإمدادات ثابتة ومستقرة، بدلًا من الاعتماد على الرياح أو الطاقة الشمسية أو غيرها من مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة.
ويجري الربط عبر خيارين هما: ربط العملاء الجدد بالشبكة، أو تأمين الإمدادات بصورة منفصلة عن الشبكة عبر مصطلح يُطلَق عليه “خلف العداد” الذي يشير إلى إنتاج واستهلاك وتخزين وإدارة الإمدادات في الموقع.
ويرجّح مشاركون في صناعة الغاز تفضيل شركات تقنيات الذكاء الاصطناعي للخيار الثاني “الربط بنظام خلف العدّاد”، في ظل الحاجة المُلحّة للعمل بوتيرة سريعة.
ورجّح الرئيس التنفيذي لشركة ويليامز (أكبر شركات خطوط الغاز في أميركا)، آلان أرمسترونغ، أن مراكز البيانات الأميركية لن تنتظر الربط بالشبكة، وستتجه الشركات المطورة للتركيز على الولايات التي توافق على أنظمة خلف العدّاد.
وقد يدفع ذلك باتجاه طفرة في بناء خطوط أنابيب نقل الغاز للربط مع محطات الكهرباء المغذّية لمراكز البيانات الأميركية، مثل الربط بين حقل “هاينزفيل” ومحطة في ولاية لويزيانا.
وتدرس شركة الطاقة الرائدة في تطوير النفط والغاز “إكسون موبيل” بناء محطات كهرباء تعمل بالغاز وغير متصلة بالشبكة، ما يوفّر الإمدادات اللازمة لتشغيل مراكز البيانات، مع تعزيز المحطات بتقنيات احتجاز 90% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
ومقابل ذلك، حذّرَ معنيّون من أنّ ربط المراكز بمرافق خارج الشبكة يشكّك في موثوقية الإمدادات، خاصة في حالات انقطاع التيار وعدم توافر مولدات احتياطية بديلة.
فرص الطاقة النووية
تعدّ فرص الطاقة النووية أقل حظًا من الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء اللازمة لتشغيل مراكز البيانات الأميركية خلال المرحلة الحالية، ويرجع ذلك إلى سهولة نشر البنية التحتية للغاز، مقارنة بالمفاعلات.
واستغرق بناء وحدتَي “فوغتل 3″ و”فوغتل 4” -الأحدث بين الأسطول النووي في أميركا- ما يقرب من 15 عامًا، وبتكلفة بلغت 30 مليار دولار.
وتُشير هذه البيانات إلى تضاعُف وقت وتكلفة تنفيذ الخطط النووية في أميركا، وفق ما أوردته منصة أرغوس ميديا المعنية بشؤون الطاقة.
وأمام هذه التحديات، قد تلجأ شركات التقنيات باتجاه إعادة تشغيل المفاعلات المتوقفة من قبل، مثل محاولة شركة مايكروسوفت لاستئناف تشغيل وحدة في بنسلفانيا.
ومع نمو عمل المراكز في العقد المقبل، تزداد فرص الطاقة النووية في تغذيتها، لكن عبر المفاعلات المعيارية الصغيرة بدلًا من التقليدية.
ويرجع ذلك إلى الوتيرة السريعة والتكلفة المنخفضة لبناء المفاعلات المعيارية الصغيرة بقدرة من 300 إلى 600 ميغاواط، رغم أنها صناعة ناشئة في أميركا.
موضوعات متعلقة..
- طلب مراكز البيانات الأميركية على الكهرباء قد يرتفع 3 أضعاف بحلول 2028 (تقرير)
- طلب مراكز البيانات ينعش مرافق الكهرباء الأميركية.. أبرز اتفاقيات 2024
- ربط مراكز البيانات بمحطات الطاقة النووية في أزمة.. ما القصة؟
اقرأ أيضًا..
- مشروع خط أنابيب الغاز القطري عبر سوريا لن يتحقق.. وهذه أولويات دمشق (خاص)
- أكبر الدول المستوردة للغاز المسال الأميركي في 2024.. ماذا عن مصر والأردن؟
- توقف الإنتاج بأحد أكبر حقول الغاز في العالم.. احتياطياته تريليون متر مكعب
المصادر:
إقرأ: سيناريوهات تشغيل مراكز البيانات الأميركية.. الغاز الطبيعي أم الطاقة النووية؟ على منصة الطاقة