عالم الطاقة

الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا تحتاج إلى 190 مليار دولار بحلول 2035

بات تسريع تبنّي الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا أمر لا مفرّ منه، حيث تواجه المنطقة مشكلة حقيقية لتلبية احتياجاتها المستقبلية من الطاقة، مع تزايد الطلب بوتيرة سريعة، واستمرار اعتمادها على الوقود الأحفوري.

ومن المتوقع أن تسهم المنطقة بأكثر من 25% من نمو الطلب العالمي على الطاقة في المدة من عام 2024 حتى 2035، اعتمادًا على السياسات الحالية، مقارنة 11% منذ عام 2010.

وسيعتمد هذا النمو على 3 عوامل رئيسة، تتمثل في التوسع الاقتصادي القوي والنمو السكاني في المنطقة، ومكانتها بصفتها مركزًا صناعيًا عالميًا.

ويثير الاعتماد المتزايد على واردات الوقود الأحفوري مخاوف جدّية بشأن أمن الطاقة في جنوب شرق آسيا، وسط تكاليف الاستيراد المتصاعدة، وزيادة متوقعة بمقدار الثلث في انبعاثات الكربون المرتبطة بقطاع الطاقة بحلول عام 2050، بحسب تقرير حصلت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وحاليًا، لا تجتذب المنطقة سوى 2% من استثمارات الطاقة النظيفة العالمية، على الرغم من أنها تمثّل 6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و5% من الطلب على الطاقة.

استثمارات الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا

تمتلك 8 دول من أصل 10 في منطقة جنوب شرق آسيا خططًا وطنية لتحقيق الحياد الكربوني، إلّا أن ذلك يتطلب خفضَ مستوى الانبعاثات الحالية بنحو الثلثين بحلول عام 2050، حسب تقرير جديد صادر عن وكالة الطاقة الدولية.

ولتحقيق هذا الأمر، فإن هذا يتطلب تحولًا أسرع في جنوب شرق آسيا، ليس فقط من أجل خفض الانبعاثات، ولكن أيضًا لتوفير أمن الطاقة بالمنطقة المعتمد على الوقود الأحفوري، في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية.

واعتمادًا على السياسات الحالية، تشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن استثمارات الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا سترتفع بمقدار أكثر من الضعف إلى 90 مليار دولار بحلول عام 2035، مقارنة بمستويات عام 2023.

أمّا في سيناريو التعهدات المناخية المعلنة؛ فإن الإنفاق على الطاقة النظيفة في المنطقة يحتاج إلى الارتفاع أكثر من 5 مرات، ليصل إلى 190 مليار دولار عام 2030، حتى تحقق الدول أهدافها للطاقة والمناخ.

محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في تايلاند
محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية في تايلاند – الصورة من موقع آيرينا

الاعتماد على الوقود الأحفوري

ما يؤكد ضرورة تعزيز استثمارات الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا، أن مخاطر أمن الطاقة ما زالت تلوح في الأفق، مع استمرار حرب أوكرانيا وتصاعد الصراعات في الشرق الأوسط، التي تعتمد عليها المنطقة في 60% من وارداتها النفطية.

وسلّطت أزمة الطاقة العالمية الأخيرة الضوء على ضعف المنطقة في مواجهة صدمات أسعار الوقود، إذ ارتفعت فاتورة إعانات استهلاك الوقود الأحفوري إلى مستوى قياسي بلغ 105 مليارات دولار عام 2022، وهو ما شكّل قفزة بنحو 60% عن الذروة السابقة، بحسب بيانات رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

ولبّى الوقود الأحفوري –بقيادة الفحم– نحو 80% من الطلب على الطاقة في جنوب شرق آسيا منذ عام 2010، وحاليًا، يُلبي النفط والفحم معًا أكثر من النصف، في حين يسهم الغاز الطبيعي بنحو الخُمس.

وفي عام 2023، ولّد الفحم نصف كهرباء المنطقة، ويلبي أيضًا 30% من الطلب الصناعي على الطاقة، ما يجعله يمثّل 80% من انبعاثات قطاع الكهرباء.

وعلى جهة المناخ، فالوضع أكثر قتامة، ففي عام 2023، تعرَّض 85% من سكان جنوب شرق آسيا للهواء الملوث، وهو ما يتجاوز بكثير الحدود الآمنة التي أوصت بها منظمة الصحة العالمية، ما أدى إلى 300 ألف حالة وفاة بسبب تلوث الهواء الخارجي، و240 ألف حالة وفاة بسبب تلوث الهواء الداخلي المرتبط باستعمال وقود الطهي.

كما تواجه المنطقة مخاطر جمة جراء الطقس القاسي، بما في ذلك موجات الحر الشديدة في عام 2024، وزيادة مخاطر الفيضانات حول الأنهار والمناطق الساحلية.

محطة لتوليد الكهرباء بالفحم في إندونيسيا
محطة لتوليد الكهرباء بالفحم في إندونيسيا – الصورة من موقع غرين بيث

الطاقة النظيفة تقدم الحل

من المتوقع أن تلبي مصادر الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا مثل الرياح والشمس، إلى جانب الطاقة الحيوية والحرارية الأرضية، أكثر من ثلث نمو الطلب على الطاقة بحلول عام 2035، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

هذا الأمر من شأنه أن يرفع حصة الطاقة النظيفة في مزيج الطاقة الكلي إلى الربع، لكنه ليس كافيًا لكبح جماح انبعاثات الكربون المرتبطة بالطاقة، التي من المقرر أن تزيد بنسبة 35% بحلول 2050.

ولتغيير الوضع، هناك حاجة إلى دفعة كبيرة لمواءمة نتائج مؤتمر المناخ (كوب 28) وتحقيق الأهداف الوطنية، لخفض الانبعاثات الحالية إلى النصف بحلول عام 2050.

وإلى جانب مضاعفة الاستثمارات، يتطلب الأمر إدراك فوائد تسريع التحولات بمجال الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا، مع توفير هذا القطاع أكثر من 85 ألف فرصة عمل منذ عام 2019، والاستفادة من الإمكانات لتوسيع تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة ومعالجة المعادن المستعملة في هذا القطاع.

على سبيل المثال، فإن إندونيسيا، باحتياطياتها الضخمة من النيكل، منتج رئيس لبطاريات ومكونات أيونات الليثيوم، في حين تُصنَّف فيتنام وتايلاند وماليزيا ضمن أكبر مصنّعي أنظمة الطاقة الشمسية بعد الصين.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إقرأ: الطاقة النظيفة في جنوب شرق آسيا تحتاج إلى 190 مليار دولار بحلول 2035 على منصة الطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى