الكهرباء والطاقة

د. محمد سليم  يكتب ..الفقد الفني السبب والتأثير وطرق المعالجة

يعتبر الفقد الفني في الشبكات الكهربائية نتيجة مباشرة لعدة اسباب منها بشكل رئيسى انخفاض الجهد وهو ما نتحدث عنه فى هذا المقال، وخاصة عند نقل الطاقة لمسافات طويلة بين محطات المحولات ومراكز الأحمال، مثل محطات رفع المياه والمصانع كثيفة الاستهلاك مما يؤثر على سلامة التشغيل والمعدة ، وهذا الفقد يتحول إلى مفاقيد حرارية في الموصلات نتيجة زيادة التيار الكهربائي وتقليل كفاءة النظام الكهربائي.

تعريف المعاني الفنية

الفقد الفني (Technical Losses): هي المفاقيد التي تحدث في المعدات الكهربائية نتيجة مقاومة الموصلات على الخطوط او الكابلات، ةالمحولات، والمحركات وغيرها.

انخفاض الجهد (Voltage Drop): هو التراجع في مستوى الجهد الكهربائي أثناء نقله على طول مسافة، ويزداد بشكل كبير مع زيادة المسافة وسعة الحمل الكهربائي.

معامل القدرة (Power Factor): هو نسبة القدرة الفعالة المستهلكة من قبل الأحمال إلى القدرة الكلية (الفعالة وغير الفعالة) التي تزوّد بها، وكلما قل معامل القدرة زاد الفقد.

جودة الطاقة (Power Quality): يشمل هذا المصطلح مدى استقرار وتوافق التيار الكهربائي المقدم للأحمال مع المعايير المحددة، وأي خلل مثل التوافقيات يؤثر على الأداء.

التوافقيات (Harmonics): هي مكونات غير مرغوب فيها في شكل موجة الجهد أو التيار، وتؤدي إلى تشويه موجة الجهد أو التيار، ما يقلل من كفاءة النظام الكهربائي.

تأثير انخفاض الجهد

عندما ينخفض الجهد في الشبكة، يُطلب من المولدات والمعدات الكهربائية الأخرى إنتاج المزيد من التيار لتعويض هذا الانخفاض، مما يزيد من المفاقيد الحرارية. يؤدي ذلك إلى:

انخفاض معامل القدرة: تنخفض الكفاءة الإجمالية، مما يتطلب استخدام معدات تعويضية مثل المكثفات أو المعوضات الساكنة (STATCOM) لتعويض القدرة غير الفعالة.

ضعف جودة الطاقة: يتسبب ذلك في انقطاعات أو تقلبات في الجهد تؤدي إلى تقليل عمر المعدات وارتفاع التكاليف التشغيلية.

زيادة التوافقيات: خاصة في الأنظمة التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة مثل محطات الطاقة الشمسية، التي تنتج فقط القدرة الفعالة. وفي هذه الحالة، يجب تعويض القدرة غير الفعالة من مصادر أخرى، مما يضع أعباء إضافية على المحطات التقليدية المرتبطة معها فى نفس الشبكة.

الحلول المقترحة ومعالجة الفقد الفني

يمكن استخدام العديد من الحلول التقنية لتحسين كفاءة الشبكة وتقليل الفقد الناتج عن انخفاض الجهد. وفيما يلي بعض الحلول الفنية مع مقارنة اقتصادية وفنية:

منظمات الجهد (Voltage Regulators):

التعريف: هي أجهزة تُستخدم للحفاظ على استقرار الجهد الكهربائي عند مستويات مقبولة.

المزايا: تعمل على تقليل الفاقد الفني وتحسين جودة الجهد على طول الشبكة.

التكلفة: متوسطة مقارنة بالحلول الأخرى، لكنها محدودة في المسافات الطويلة.

الأوتوترانسفورمر (Autotransformer):

التعريف: هو محول كهربائي يستخدم في نقل الجهد مع مفاقيد منخفضة نسبياً.

المزايا: يتميز بكفاءة عالية مقارنة بالمحولات التقليدية في تخفيض الفاقد الفني.

التكلفة: مرتفع التكلفة نسبياً، لكنه يوفر على المدى الطويل من خلال تقليل المفاقيد.

المعوضات الساكنة (Static Compensators – STATCOM):

التعريف: جهاز يعتمد على تقنيات الإلكترونيات القوية لتعويض القدرة غير الفعالة وتحسين معامل القدرة وضبط الجهد.

المزايا: فعال جداً في تحسين معامل القدرة وجودة التغذية الكهربائية ويعتبر اسرع استجابة على الاطلاق ، ويقلل من الفاقد الفني الناتج عن التوافقيات وهى ميزة اضافية لا تتوفر فى الوسائل الاخرى.

التكلفة: مرتفع نوعا ما ، لكنه يوفر فوائد كبيرة في الشبكات الكبيرة والمعقدة ويسترد القيمة فى فترة اقتصادية.

مقارنة فنية واقتصادية للحلول

المعيار

منظمات الجهد (Voltage Regulators)

الأوتوترانسفورمر (Autotransformers)

المعوضات الساكنة (STATCOM)

 

سرعة الاستجابة

بطيئة إلى متوسطة: تعتمد على التصميم الميكانيكي والكهرومغناطيسي، لذا فهي بطيئة نسبيًا في حالات التغيرات المفاجئة في الحمل.

متوسطة: يمكنها التعامل مع التغيرات في الجهد بشكل أسرع من منظمات الجهد التقليدية، لكنها ليست مثالية للتغيرات الديناميكية السريعة.

سريعة جدًا: تعتبر الحل الأمثل للاستجابة السريعة والفورية للتغيرات الديناميكية في الجهد والقدرة غير الفعالة، حيث تعتمد على الإلكترونيات القوية.

 

مدى التحكم

محدود: تتحكم فقط في الجهد عند نقطة محددة ولديها مرونة أقل في التكيف مع تغيرات الجهد الكبيرة أو السريعة.

متوسط: يوفر تحكمًا في الجهد مقارنة بمنظمات الجهد التقليدية، لكنه محدود في الاستجابة من خلال مغبر الجهد OLTC

عالي جدًا: يوفر تحكمًا ديناميكيًا ودقيقًا في الجهد ومعامل القدرة والتوافقيات، مما يجعله حلاً شاملاً.

 

الكفاءة في تقليل الفقد الفني

متوسطة: يقلل الفاقد بشكل معتدل من خلال تحسين الجهد، لكنه لا يعالج التوافقيات أو معامل القدرة بشكل فعال.

عالية: يوفر كفاءة في تقليل الفاقد من خلال تقليل التيار المطلوب لنقل نفس الطاقة، لكنه لا يعالج التوافقيات.

عالية جدًا: يعالج كل من الفقد الفني، معامل القدرة، والتوافقيات، مما يجعله الحل الأكثر كفاءة.

 

التكلفة

متوسطة: تعتبر من الخيارات الأقل تكلفة، لكنها محدودة في الأداء والتطبيقات الكبيرة.

متوسطة إلى مرتفعة: أكثر تكلفة من منظمات الجهد بسبب كفاءتها الأعلى، لكنها أقل تكلفة من STATCOM.

مرتفعة: يعتبر الأغلى، لكنه يوفر أفضل أداء، خاصة في الشبكات الكبيرة والمعقدة.

 

التطبيقات الشائعة

الشبكات الصغيرة أو متوسطة الحجم: تستخدم عادةً في تحسين الجهد في شبكات التوزيع أو الأحمال الفردية.

الشبكات الصناعية : مناسبة للأحمال العالية التي تتطلب تحسين كفاءة الجهد على مسافات طويلة.

الشبكات المتوسطة والكبيرة والمعقدة: مثالية للشبكات التي تتطلب استجابة سريعة لتغيرات الحمل وتحسين جودة الطاقة، مثل الشبكات التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة.

 

 

الملخص

يعتبر الفقد الفني نتيجة حتمية لاستخدام الموصلات والمعدات وخاصة لانخفاض الجهد على طول مسافات النقل والتوزيع، وتؤدي إلى خسائر كبيرة في الطاقة، وخاصة في الأحمال المتوسطة والكبيرة، والحلول التقنية مثل منظمات الجهد والأوتوترانسفورمر توفر تحسينات ملحوظة في كفاءة الشبكة وتعتبر حلولا تقليدية اذا ما قورنت بالوسائل التكنولوجية الحديثة مثل المعوضات الساكنة .

من ناحية أخرى، تلعب المعوضات الساكنة (STATCOM) دوراً محورياً ليس فقط في تحسين معامل القدرة، بل أيضاً في فلترة التوافقيات، التي تعد مشكلة كبيرة في الشبكات التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة مثل محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وتعمل المعوضات الساكنة على تأمين التغذية الكهربائية عبر توفير تعويض ديناميكي للقدرة غير الفعالة، مما يساهم في استقرار الجهد وتحسين جودة الطاقة ، وتحسين كفاءة التشغيل، وزيادة عمر الأجهزة.

من الناحية الاقتصادية، فإن استخدام المعوضات الساكنة يمكن أن يقلل بشكل كبير من تكاليف الصيانة التشغيلية وتقليل أعطال الشبكة، مما ينعكس إيجابياً على الاستثمار طويل الأمد في البنية التحتية الكهربائية. وبالتالي، فإن المعوضات الساكنة تقدم حلاً فعالاً تقنياً واقتصادياً في الشبكات الكهربائية المعقدة، وخاصة تلك التي تتعامل مع أحمال عالية أو تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة، مما يعزز من سلامة التشغيل واستدامة النظام الكهربائي ككل.

ولا يفوتنا ان نؤكد على ان الخيار الأمثل يعتمد على دراسة حجم الشبكة الكهربائية، نوع الأحمال، ومتطلبات جودة الطاقة.

د.م. محمد سليم سالمان

استشارى الطاقة المتجددة

عضو المجلس العربى للطاقة المستدامة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى