عالم الطاقة

قطاع النفط في نيجيريا.. مصدر للثروة غير المشروعة للجهات السياسية (تقرير)

يواجه قطاع النفط في نيجيريا (أكبر منتج للخام في أفريقيا) تحديات صعبة، تتمثل في سوء الإدارة بالإضافة إلى انخفاض الاستثمارات وأعمال السرقة.

ويُثار تساؤل حول “هل تجلب موارد نيجيريا النفطية الضخمة الرخاء أو الشقاء للمواطنين؟، إذ تُعد مسألة جدير بالنقاش وسط ارتفاع معدل التضخم وأسعار السلع ومشكلات الفساد التي تشهدها البلاد.

ووفقًا لمقال اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، ترتبط لعنة الموارد أو “مفارقة الوفرة” بحرمان المواطنين في العديد من البلدان الغنية بالموارد مثل نيجيريا من الاستفادة من ثرواتها الطبيعية، إذ أخفقت الحكومات في توفير احتياجات الرفاهية للمواطنين.

وبمرور الوقت، أصبح من الواضح أن سوء إدارة الموارد والمؤسسات غير الوظيفية قد عزّز الفقر أكثر من الرخاء في الدولة الواقعة غرب أفريقيا، إذ يؤدي ارتفاع الأسعار المحلية إلى ازدياد تكلفة إنتاج السلع المحلية للاستهلاك المحلي والتصدير.

مواجهة ارتفاع الأسعار

قال الأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة أولابيسي أونابانجو النيجيرية، شريف الدين تيلا، إنه عندما يكون هناك تضخم في دولة ما، يعاني الفقراء أكثر، لأنهم بالكاد لديهم مدخرات، بينما يلجأ الأغنياء إلى مدخراتهم لتخفيف آثار ارتفاع الأسعار.

لافتة تحذيرية من الماء الملوث بالنفط على نهر بودو في منطقة دلتا نيجيريا
لافتة تحذيرية من الماء الملوث بالنفط على نهر بودو في منطقة دلتا نيجيريا – الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية

وأوضح تيلا أن هذا يعني توسيع الفجوة بين الأغنياء والفقراء، وأن الدولة تفشل في تحقيق توزيع عادل للدخل، حسبما ورد في المقال الذي نشرته صحيفة ذا بانش النيجرية (The Punch).

وأشار أستاذ الاقتصاد، إلى أن الحكومات التي تدرك الطبيعة المدمرة للتضخم تحاول السيطرة على الأسعار التي تتحكم في أسعار أخرى مثل أسعار الطاقة والنقل والسلع الغذائية الرئيسة من خلال السياسات، مؤكدًا أن جميع الحكومات، بما في ذلك الرأسمالية، تُقدّم إعانات الطاقة.

لعنة قطاع النفط في نيجيريا

استعرض الأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة أولابيسي أونابانجو النيجيرية، شريف الدين تيلا، ما جناه المواطنون من قطاع النفط في نيجيريا، قائلًا، إن النفط الذي كان مصدرًا للسعادة والتنمية لبعض البلدان، تحوّل إلى لعنة على نيجيريا.

وقال تيلا: “منذ أن حلّ قطاع النفط في نيجيريا مكان القطاع الزراعي بصفته مصدرًا رئيسًا للإيرادات، أدار القادة النيجيريون ظهورهم للحكم الرشيد، وتبنّوا سياسات فاشلة، وحولوا الاقتصاد الزراعي الإنتاجي إلى اقتصاد ريعي يعتمد على الإيجارات من شركات النفط متعددة الجنسيات”.

وأضاف أنه “حتى عندما أُنشِئَت شركة النفط النيجيرية الوطنية NNPC، لم يكن ذلك من أجل الانخراط في استكشاف النفط، وإنما لجمع الإيجارات من هذه الشركات المتعددة الجنسيات”.

الأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة أولابيسي أونابانجو النيجيرية شريف الدين تيلا
الأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة أولابيسي أونابانجو النيجيرية شريف الدين تيلا – الصورة من موقع لينكد إن

وذكر أن “مثل هذه السياسة تولّد الفساد الذي أصبح السمة المميزة للحكم على مرّ السنين”، مردفًا: ” حتى عندما بُنيت المصافي، لم يتمكن المديرون من إدارتها بصفة مؤسسات تجارية، ولكن بصفة أدوات لتعظيم الذات”.

وتابع: “لقد أصبح قطاع النفط في نيجيريا مصدرًا للثروة غير المشروعة للجهات السياسية السابقة والحالية، تمامًا كما أصبح مصدر كابوس للمواطنين؛ إذ تستعمل الحكومة الحالية النفط سلاح دمار شامل للاقتصاد والشعب”.

دور البنزين والديزل

يمثّل البنزين والديزل، حاليًا، مصدَرَي الطاقة الرئيسين للاستعمال المنزلي والصناعات في نيجيريا، وذلك نظرًا لعدم كفاءة إنتاج وتوزيع الكهرباء، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

وقال الأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة أولابيسي أونابانجو النيجيرية، شريف الدين تيلا : إنه “حتى قطاع الكهرباء الفرعي يعتمد على الغاز، وهو أحد المنتجات النفطية”.

وأضاف: “منذ أن تولّت حكومة الرئيس بولا تينوبو السلطة في أقل من 18 شهرًا، ارتفع سعر البنزين بنسبة تزيد على 400%، أي من أقل من 300 نيرة (0.18 دولارًا أميركيًا) إلى أكثر من 1000 نيرة (0.61 دولار) للّتر، حسب آخر إحصاء”.

*(النايرا النيجيرية = 0.00061 دولارًا أميركيًا).

وأوضح، أن كل تغيير في سعر الوقود يحرك تكلفة الإنتاج، وتوزيع السلع، وصيانة المرافق، فضلًا عن تكلفة المعيشة في الاتجاه نفسه.

وأردف: “عندما تصوّرنا أن إنتاج الوقود محليًا من شأنه أن يقلل الأسعار ويزيد العرض، تدخلت الحكومة، من خلال أداة القمع لديها، وهي شركة النفط النيجيرية الوطنية، لفرض العرض وأسعار المنتج حتى تتمكن الشركة من تحقيق أرباح”.

تكلفة إنتاج الوقود

تعليقًا على أحد أوجه الفساد بإدارة قطاع النفط في نيجيريا، وجّه الأستاذ في قسم الاقتصاد بجامعة أولابيسي أونابانجو النيجيرية، شريف الدين تيلا، سؤالًا لخبراء الطاقة عن “تكلفة إنتاج لتر واحد من الوقود باستعمال الموارد المحلية.”

وقال تيلا، إن ارتفاع تكاليف الإنتاج الناتجة عن ذلك أدى إلى تدمير بعض الشركات من خلال انخفاض الطلب عليها وما يصاحب ذلك من بطالة العمالة، فضلًا عن خسارة الإيرادات للحكومة.

وأضاف: “من أجل البقاء، يركض العمال وراء وظائف متعددة للحصول على مصادر إضافية للأجور دون توقُّع زيادة في الدخل من وظائفهم”.

بشكل جماعي، يُنظّم العمال في قطاع النفط في نيجيريا، لا سيما في القطاع العام، الذي يدفع عادة أجورًا منخفضة، الحضور الجماعي إلى العمل”.

تلوث النفط يغطي مصب نهر في منطقة بي ديري بنيجيريا
تلوث النفط يغطي مصب نهر في منطقة بي ديري بنيجيريا – الصورة من بلومبرغ

وفي هذه الحالة، يتوجه بعض العمال إلى العمل لمدة أقصاها 3 أيام أسبوعيًا، ويقضون 3 أيام أخرى في متاجرهم أو الوظائف “الأخرى” التي تجلب دخلًا إضافيًا.

وتساءَل تيلا، مجددًا: “ما الذي استفدنا منه من هذه الحكومة؟” مبيّنًا أن “جودة التعليم والخدمات الصحية في تدهور”، والبلاد بعيدة كل البعد عن تحقيق أبسط أهداف التنمية المستدامة التي يحدد موعدها الزمني بحلول عام 2030.

وتطرَّق شريف الدين تيلا إلى البنية التحتية للطرق التي أنجزتها هذه الحكومة، التي كانت تقترض في السوق طويلة الأجل مُحمِّلةً الأجيال المقبلة أعباء السداد.

وقال: “في غضون 16 شهرًا، اقترضت الحكومة الفيدرالية 6.45 مليار دولار من البنك الدولي، وباعت شركة النفط الوطنية النيجرية النفط مقدمًا، وهو شكل آخر من أشكال القروض”.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إقرأ: قطاع النفط في نيجيريا.. مصدر للثروة غير المشروعة للجهات السياسية (تقرير) على منصة الطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى