أول بئر غاز في العالم.. عمقها 8 أمتار وإنتاجها أضاء شوارع (صور)
شكّلت أول بئر غاز في العالم نقطة تحول في تاريخ تطوير عمليات استخراج هذا الوقود عالميًا، بعدما فتحت الباب أمام المطورين لحفر المزيد من الآبار بهدف زيادة الإنتاج ومواكبة الطلب المتنامي.
وتدفقت أول كمية غاز من البئر التي احتضنتها إحدى قرى ولاية نيويورك الأميركية في عام 1821، لتسجّل الخطوات الأولى لصناعة هذا الوقود منخفض الانبعاثات، الذي ما يزال مكونًا حاسمًا في مزيج الطاقة العالمي.
ووفق متابعات تاريخية لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، انطلقت أعمال الحفر في أول بئر غاز في العالم في العام نفسه على يد رائد الأعمال الأميركي وليام هارت، وكانت على عمق لم يتجاوز 27 قدمًا ( نحو 8 أمتار).
*(القدم = 0.3048 مترًا).
لكن أول إنتاج تجاري للغاز الطبيعي يظل مسجلًا باسم المملكة المتحدة التي شرعت في عام 1785 باستعمال الغاز المصنّع من الفحم في إنارة الشوارع والمنازل.
“أبو الغاز الطبيعي”
حُفِرت أول بئر غاز في العالم في عام 1821، في قرية فريدونيا الواقعة بمقاطعة تشاتاقوا شمال ولاية نيويورك، وفق ما أورده موقع الجمعية العامة الأميركية للغاز إيه بي جي إيه (APGA).
وتولّى وليام هارت الذي يلقّبه الكثيرون بـ”أبو الغاز الطبيعي”، مهمة الإشراف على حفر أول بئر غاز في العالم؛ ما حفّزه لاحقًا لتأسيس شركة فريدونيا غاز لايت كومباني (Fredonia Gas Light Company) في عام 1858، لتصبح أول شركة غاز طبيعي في الولايات المتحدة.
ووفق وثائق الجمعية الأميركية التاريخية للنفط والغاز، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة، دخلت البئر التي تُعدّ -كذلك- أول بئر تجارية من نوعها في أميركا الشمالية، حيز الإنتاج في عام 1825.
وسرعان ما نُقِل الإنتاج المُستخرَج من أول بئر غاز في العالم لاستعماله في إنارة العديد من مصابيح الشوارع والمتاجر ومطحن حبوب.
3 محاولات
نفّذ وليام هارت 3 محاولات في حفر البئر، وفق شهادة كتبتها المؤرخة لويس باريس في تأريخها أحداث شركة فريدونيا غاز لايت التي أسّسها هارت، ضمن مساعيه للتوسع في إنتاج الغاز بعد إنجاز البئر، بحسب موقع هارت إنرجي (Hart Energy).
وقالت لويس: “ترك هارت حفارة معطّلة في حفرةٍ ضحلة واحدة، وتخلّى عن موقع ثانٍ على عمق 40 قدمًا، بسبب صغر حجم الغاز الذي عُثِر عليه”، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وأضافت لويس: ” في المحاولة الثالثة لحفر أول بئر غاز في العالم، عثر هارت على كمية غاز جيدة تتدفق على عمق 70 قدمًا، وهو ما دفع الرجل إلى تطوير عداد بدائي، وتغطيته بسقيفة خشنة، قبل الشروع في نقل وتسويق أول غاز طبيعي يُباع في أميركا”.
وحفر وليام هارت في البداية أول بئر غاز في العالم على عمق 27 قدمًا (تُحفر بئر الغاز -حاليًا- بعمق يزيد على 30 ألف قدم) في الصخور النفطية التي ظهرت في المنطقة، ثم حفرت بئرًا بقُطر 1.5 بوصة وعمق 70 قدمًا.
وسرعان ما حُفرت آبار غاز ضحلة في حزام الصخور النفطية بمقاطعة تشاتاقوا، ونُقِل هذا الغاز إلى الشركات، واستُعمِل في إنارة أعمدة الإضاءة بقرية فريدونيا بتكلفة لامست 1.50 دولارًا أميركيًا سنويًا لكل عمود إنارة، وفق سجلات هيئة أبحاث وتطوير الطاقة في نيويورك.
خزانات الحجر الرملي
في عام 1883، أكتُشِف إنتاج الغاز في خزانات الحجر الرملي في تكوين ميدينا (Medina Formation) بمقاطعة إيري، ثم اكتُشِف غاز في تكوين ميدينا في مقاطعة تشوتوكوا في عام 1886، وبحلول السنوات الأولى من القرن الـ20، أُنتِج الغاز من تكوين ميدينا في 3 مقاطعات مجاورة.
وأُنتِج الغاز بكميات تجارية، للمرة الأولى، من الحجر الجيري في مقاطعة أوسويغو بولاية نيويورك في عام 1889، وفي مقاطعة أونونداغا عام 1896.
وبحلول نهاية القرن الـ19، نجحت شركات الغاز الطبيعي في تطوير خطوط أنابيب بين الولايات الأميركية، وأنظمة توزيع غاز بين البلديات.
وفي عام 1916 ظهرت أول منشأة لتخزين الغاز في أميركا في حقل زوار (Zoar) المستنفد جنوب مدينة بوفالو بولاية ويسكونسن.
مراحل تطور استعمال الغاز
خلال أغلب أوقات القرن الـ19، كان الغاز الطبيعي يُستعمَل بشكل شبه حصري وقودًا للمصابيح؛ ونظرًا لعدم وجود خطوط أنابيب لنقل تلك السلعة إلى المنازل لاستعمالها للطهي أو التدفئة، كان يوجَّه معظم هذا الغاز لإضاءة شوارع المدن.
لكن الحال تبدلت بالقرب من نهاية تسعينيات القرن التاسع عشر؛ إذ شرع العديد من المدن في تحويل مصابيح الشوارع إلى أخرى كهربائية، وبدأ منتجو الغاز في البحث عن أسواق جديدة لمنتجاتهم.
وفي عام 1885، اخترع روبرت بنسن ما بات يُعرف -الآن- بـ”موقد بنسن”؛ إذ نجح في تصميم جهاز يمزج الغاز الطبيعي بالهواء بنسب ملائمة؛ ما نتج عنه شعلة يمكن استعمالها بأمان في الطهي والتدفئة.
وأتاح اختراع موقد بنسن فرصًا جديدةً لاستعمال الغاز الطبيعي في أميركا والعالم، وهو ما وثّقته أحداث فيلم يعود تاريخ إنتاجه إلى عام 1959، ويحمل عنوان “هؤلاء شعبي”.
وفي عام 1891، تطلَّب الأمر بناء خطوط أنابيب لنقل الغاز الطبيعي إلى أسواقٍ جديدةٍ، وعلى الرغم من بناء أول خطوط أنابيب طويلة في عام 1891، فإن طولها لم يزد -آنذاك- على 120 ميلًا، وكانت تنقل الغاز من الحقول في وسط ولاية إنديانا إلى شيكاغو.
ولم يكن هناك سوى القليل من خطوط الأنابيب المبنية حتى بعد الحرب العالمية الثانية خلال أربعينيات القرن الماضي، وخلال المدة من خمسينيات إلى ستينيات القرن الماضي جعلت التحسينات التي شهدها قطاع المعادن العالمي وتقنيات اللحام، وصناعة الأنابيب خلال الحرب، بناء خطط الأنابيب جذابًا تجاريًا.
وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية، شرعت الولايات المتحدة في بناء شبكة خطوط أنابيب الغاز الخاصة بها، وخلال المدة من خمسينيات إلى ستينيات القرن الماضي، بُني خط أنابيب غاز يمتد طوله إلى آلاف الأميال في أميركا.
والآن أصبحت الولايات المتحدة تمتلك شبكة خطوط أنابيب يعادل طولها المسافة إلى القمر ذهابًا وإيابًا، وفق معلومات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
الغاز في العصور القديمة
على الرغم من أن الغاز الطبيعي معروف منذ العصور القديمة، فإن استعماله لأغراض تجارية هو أمر حديث نسبيًا، وفق ما قالته الجمعية الأميركية العامة للغاز.
ففي قرابة عام 1000 قبل الميلاد، بُني معبد دلفي الشهير على جبل بارناسوس في اليونان القديمة، حيث تسرب الغاز الطبيعي من الأرض في شكل لهب.
وفي نحو عام 500 قبل الميلاد، شرع الصينيون باستعمال “أنابيب” مصنوعة من الخيزران لنقل الغاز الذي تسرَّب إلى السطح، واستعماله في غلي مياه البحر المالحة للحصول على مياه صالحة للشرب.
وتوثّق السجلات الموجودة في هيئة أبحاث وتطوير الطاقة في نيويورك (Nyserda)، عمليات إبلاغ عن تسربات غاز طبيعي في مقاطعة أونتاريو لأول مرة في عام 1669 بوساطة المستكشفَين الفرنسيين، دي لا سال، ودي غاليني.
وبدأ أول إنتاج تجاري للغاز الطبيعي في المملكة المتحدة، وتحديدًا نحو عام 1785، حينما استعمل البريطانيون الغاز الطبيعي المستخرَج من الفحم لإضاءة المنازل والشوارع.
وفي عام 1816، استعملت مدينة بالتيمور بولاية ماريلاند الأميركية الطريقة نفسها لإنتاج الغاز؛ لتصبح أول مدينة في الولايات المتحدة تضيء شوارعها بالغاز.
مصادر إنتاج الغاز الطبيعي
يُستخرَج الغاز الطبيعي من آبار شبيهة بآبار النفط، ويصنَّف إلى: غاز مصاحب وغاز غير مصاحب. فإذا اكتُشِف الغاز الطبيعي مع النفط في الحقل نفسه سُمِّي بـ”الغاز المصاحب”، أمّا إذا كان الحقل يحوي فقط الغاز الطبيعي دون النفط، فيسمّى بـ”الغاز غير المصاحب”.
وهناك –كذلك- الغاز غير التقليدي، وهو غاز طبيعي موجود في المسام الصغيرة للصخور، وغالبًا يتعذر الوصول إليه؛ إذ يُستخرج عادةً باستعمال تقنيات مبتكرة مثل التكسير الهيدروليكي، لجلبه إلى السطح.
إلى جانب ذلك، هناك غاز الفحم، وهو الغاز المُستخرَج من رواسب الفحم، ويُطلَق عليه -كذلك- ميثان طبقة الفحم.
ويوضح الفيديو التالي مراحل تطور استخراج الغاز الطبيعي:
موضوعات متعلقة..
- توقعات الطلب على الغاز الطبيعي خلال 2024.. كم تبلغ في الشرق الأوسط؟
- الطلب على الغاز الطبيعي سيرتفع 34% بحلول عام 2050 (تقرير)
- تقرير يكشف توقعات الطلب على الغاز في الشرق الأوسط وأفريقيا
اقرأ أيضًا..
- أول بئر نفط في العالم.. قصة أضاءت “أرض النار” وعرضتها هوليوود (صور وفيديو)
- توربين رياح يتحول إلى منزل.. حمام ومطبخ وتقنيات ذكية (صور وفيديو)
- أكبر الدول العربية المصدرة للنافثا في 2024 (رسم بياني)
إقرأ: أول بئر غاز في العالم.. عمقها 8 أمتار وإنتاجها أضاء شوارع (صور) على منصة الطاقة