خبراء: الطاقة النووية في أستراليا كارثة وثقب مالي أسود
أثارت خطة إدراج الطاقة النووية في أستراليا في مزيج الكهرباء انتقادات على صعيد كل من السياسة والطاقة، وبأنها “أسوأ هدية كريسماس للمواطنين على الإطلاق”.
وأعلن زعيم المعارضة بيتر داتون يوم الجمعة (13 ديسمبر/كانون الأول 2024) اعتزامه إنفاق ما يصل إلى 331 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب على مدار 25 عامًا لتحقيق أحلامه النووية في حالة فوزه بالانتخابات المقرر عقدها في العام المقبل (2025).
ومن بين كل استثمارات الطاقة المتجددة، يرى محللون أن أكبر المتضررين من الخطة المقترحة هي الطاقة الشمسية المنزلية التي استثمر فيها 4 ملايين أسترالي أموالهم لإنتاج الكهرباء النظيفة بتكلفة أقل.
وتستهدف أستراليا تحقيق الحياد الكربوني في عام 2050، وإلى ذلك رفعت مستهدفات إضافات الطاقة المتجددة إلى 82% بحلول عام 2030.
وتشير بيانات رسمية إلى أن حصة الطاقة المتجددة سترتفع إلى 42%% خلال 2024 بأكمله من 39% في 2023 و32.5% في 2021 و16.9% في 2027، بحسب متابعات منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع.
ولا تمتلك أستراليا سوى مفاعل نووي وحيد في سيدني يُستعمل للأغراض الطبية والعلمية، لكن أراضيها تحتضن كميات ضخمة من اليورانيوم، وتمتلك مع قازاخستان 40% من الاحتياطيات العالمية.
الطاقة النووية في أستراليا
تشير تقديرات مجلس الطاقة الذكية الموالي للمصادر المتجددة إلى أن الطاقة النووية ستضيف 6.6 غيغاواط من الكهرباء بما يهدد بإخراج ما يتراوح بين 1.8 و2.9 مليون منزل .
وهنا، يقول رئيس المجلس جون غريمس، إن ملايين أنظمة الطاقة الشمسية ستكون أولى ضحايا المقترح الجديد لإفساح المجال لإنتاج مفاعلات الطاقة النووية الذي لا يتوقف.
وعلى العكس من إنتاج الطاقة الشمسية المجاني الذي يغذّي 4 ملايين منزل، سيستمر ضخ الإنتاج النووي إلى الشبكة قسرًا.
وإجمالًا، قد تتوقف حصة الطاقة المتجددة بمزيج الكهرباء عند 54% فقط -وفق خطة المعارضة- رغم تجاوز نسبة 40%، كما تلوح 50% في غضون عامين.
يتفق مع هذا الرأي رئيس مجلس الطاقة النظيفة كين ثورتون الذي يقول، إن الطاقة النووية ستكون “كارثة” بالنسبة لـ4 ملايين منزل ممن ركّبوا ألواح طاقة شمسية على الأسطح لخفض فواتير الكهرباء بوساطة أرخص مصادر الكهرباء؛ إذ سيضطرون إلى إغلاق تلك الأنظمة لصالح إمدادات الطاقة النووية “غير المرنة” والأكثر تكلفة.
ويحذّر نائب مدير مجلس الحفاظ على البيئة في ولاية كوينزلاند أنتوني غوف من أن بناء محطة طاقة نووية بالولاية سيُخرج 45 ألف نظام طاقة شمسية من الخدمة.
وبناءً على ذلك، يهدد “الخيال النووي” بتأخير طرح مشروع طاقة شمسية جديدة، وهي صناعة تعوّل عليها المجتمعات المحلية اقتصاديًا وتطمح للمنافسة عالميًا.
وعلى صعيد متصل، تهدد الخطة النووية 40 ألف شخص يعملون بقطاع الطاقة المتجددة، علاوة على مضاعفة قيمة فواتير الكهرباء وسط أزمة طاحنة يعانيها المواطنون بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.
تكلفة الطاقة النووية
يقول رئيس مجلس الطاقة الذكية جون غريمس، إن تكلفة التحول إلى الطاقة النووية أكبر بكثير من نظيرتها المتجددة المدعومة بالاستثمارات الخاصة، وتشكّل أكثر المصادر الرخيصة والنظيفة والموثوقة.
وهنا، يتفق معه الكاتب مايك فولي الذي يقول، إن الطاقة النووية ستزيد الإنفاق الحكومي، وستوقف الاستثمارات الخاصة بقطاع الطاقة المتجددة التي سجلت 40 مليار دولار خلال الـ4 سنوات الماضية.
تؤكد هذه النقطة منظمة الكومنولث للبحوث العلمية والصناعية (CSIRO) التي تشير تقديراتها إلى أن الطاقة النووية ستكون أكثر تكلفة من المصادر المتجددة، ولذلك لن تخفض فواتير الكهرباء بنسبة 44% كما تزعم المعارضة.
ووفق ما جاء في تقرير المنظمة الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة، فإن الطاقة النووية لا تمثّل حلًّا فعّالًا أو مناسبًا من حيث التوقيت لتحقيق أهداف الحياد الكربوني.
وتفصيليًا، فإن الطاقة النووية أقل من حيث التنافسية الاقتصادية بالمقارنة بالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، ولن تقلّ مدة تطوير مفاعلات كبيرة أو صغيرة عن 15 عامًا على الأقل.
ومن هذا المنطلق، اتهمت عضوة مجلس المناخ نيكي هوتلي سياسة الطاقة النووية التي أعلنها زعيم المعارضة، متهمةً إياه بتضليل المواطنين بشأن التكاليف الحقيقية لبناء مفاعلات جديدة.
ولذلك، أكدت ضرورة تقديم أدلة حقيقية، وليس عن طريق وضع نماذج مراوغة تحجب التكلفة الحقيقية، مشيرة إلى أن الطاقة النووية لا تناسب أستراليا؛ فقد أثبتت التجارب العالمية أنها “ثقب مالي أسود” حيث يتجاوز متوسط تكلفة المشروع ضعف التقديرات الأولية، وفي حالة محطة “هينكلي بوينت سي” البريطانية (Hinkley Point C) زادت التكلفة 3 أضعاف.
الفحم في أستراليا
قلّل أستاذ الاقتصاد في جامعة كوينزلاند جون كويغان من احتمالات بناء محطات طاقة نووية من الأساس، واصفًا خطة المعارضة المعلنة حديثًا بمجرد تشتيت للانتباه.
وعلى نحو خاص، حذّر من التخلّي عن الالتزامات بموجب اتفاق باريس عبر استمرار الفحم لأطول مدة ممكنة، ثم الاعتماد على الغاز.
ويفسّر الأستاذ المساعد روفغر دارغافيل ذلك بأن تشغيل المفاعلات النووية يعني استمرار محطات الفحم بعد الموعد المقرر لإغلاقها، وهو ما سيرفع انبعاثات الكربون.
وبحسب تحديثات القطاع لدى منصة الطاقة المتخصصة، جاءت أستراليا ثانيةً بين أكبر منتجي الفحم في العالم بعد إندونيسيا في العام الماضي (2023).
كما جاءت في المركز الثاني على قائمة أكبر مصدّري الغاز المسال بعد الولايات المتحدة خلال أول 7 أشهر من 2024 الجاري.
موضوعات متعلقة..
- مناجم اليورانيوم الخاملة في تكساس.. سلاح أميركا لتحريك قطاع الطاقة النووية
- أكبر محطة لتوليد الطاقة النووية الاندماجية في العالم تقترب من بدء التشغيل (صور)
- الطاقة النووية في أفريقيا قد تدخل 11 دولة.. بلد وحيد يشغلها حاليًا (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- تسرب نفطي في البحر الأسود جراء تحطم ناقلتين روسيتين .. ماذا حدث؟
- أسعار إيجار ناقلات الغاز المسال تنهار
- قائمة صادرات الطاقة الروسية تشهد ظهورًا نادرًا لمصر.. ماذا استوردت؟
- من هو جمال اللوغاني أمين عام منظمة الطاقة العربية؟ (بروفايل)
المصادر:
- ردود الأفعال على خطة الطاقة النووية من منصة رينيو إيكونومي
- تقرير منظمة الكومنولث عن ارتفاع تكاليف البناء
إقرأ: خبراء: الطاقة النووية في أستراليا كارثة وثقب مالي أسود على منصة الطاقة