شركة طاقة عالمية متهمة بتعويضات كربون “وهمية” مقابل 23 شحنة غاز مسال
تواجه شركة طاقة عالمية اتهامات شائكة بتبنّي مشروعات “وهمية” تحت مظلة تعويض انبعاثات مشروعاتها من الكربون؛ وذلك بهدف مواصلة تصدير شحنات الغاز المسال.
وتورطت شركة شل في كارثة بيئية جديدة لائتمانات الكربون، بزعمها المشاركة في مشروعات زراعية صينية تعمل بتقنيات مخفضة للانبعاثات، ووسائل صديقة للمناخ، خلال عملية الري.
ووفق تحديثات سوق الكربون العالمية ومعدلات الانبعاثات لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، سحبت شركة شل أعدادًا هائلة من ائتمانات الكربون، تُشير إلى خفض فعلي وحقيقي في معدل الانبعاثات المسببة لغازات الاحتباس الحراري.
ويبدو أن خطط “شل” لتعويض انبعاثات شحنات الغاز المسال باتت في مهب الريح، مع تأكيد الهيئات المعنية في الصين أن تطوير مشروعات زراعة الأرز في الصين وفق تقنيات خفض الانبعاثات “وهمي”.
وكانت شركات طاقة عدّة قد لجأت خلال السنوات الأخيرة إلى “سوق أرصدة الكربون” لتبرير مواصلة إنتاج الوقود الأحفوري، في ظل الالتزام بتعهدات وأهداف مناخية تتلاءم مع الاتجاه العالمي.
شحنات شل للغاز المسال
يُعدّ تعامل “شل” مع ملف الانبعاثات مهمًا؛ إذ لا تعدّ مجرد شركة طاقة تهتم بإنتاج الهيدروكربونات فقط، بل نموذج لاختبار قدرة الشركات العالمية على تحقيق التوازن بين استمرار الإنتاج والحفاظ على الأهداف البيئية.
وبالاعتماد على مواصلة إنتاج النفط والغاز، مقابل أرصدة وائتمانات الكربون التعويضية، باعت شركة شل خلال عامي 2022 و2023 ما يُقدَّر بنحو 23 شحنة غاز مسال “صديقة للبيئة”.
وأعلنت الشركة أنها استعملت 5 ملايين ائتمان كربون لإلغاء البصمة لنحو 23 شحنة حتى نهاية عام 2023.
وفي شهر يناير/كانون الثاني الماضي وحده، سحبت شل ما يزيد على مليون ائتمان.
وروّجت الشركة لشحناتها -سواء لعملائها الآسيويين أو غيرهم- بوصفها ذات صبغة “خضراء”، وأن الغاز حلٌّ انتقالي باتجاه الحياد الكربوني.
كل ما سبق ذكره يعدّ منطقًا جيدًا لشركة طاقة، ونهجًا يمكن أن تسير عليه الشركات الأخرى، لكن نتائج استقصاء أجرتها منصة “ديالوغ إيرث” جاءت لتكشف أن ائتمانات الكربون التي اعتمدت عليها “شل” كانت لتقنيات زراعية “وهمية”.
وتعدّ هذه النتيجة صادمة إلى حدّ كبير؛ نظرًا لكميات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والميثان الهائلة التي يطلقها الغاز المسال، بدءًا من إنتاج الغاز الطبيعي حتى مراحل المعالجة ولنقل والاستعمال.
فضيحة ائتمانات الكربون
وصفت تقارير إعلامية تقييم انبعاثات شركة شل بـ”فضيحة ائتمانات الكربون”؛ لكونها خطوة ضربت الثقة في أسواق الكربون بصفتها إحدى أدوات تعويض انبعاثات الوقود الأحفوري.
وأكدت مسؤولة التمويل في منظمة أويل تشينج، لوري فان دير بورغ، أن التعويضات الكربون الـ”مزيفة” التي استعملتها شركة طاقة عملاقة مثل “شل” عززت حالة عدم اليقين في الصناعة.
وأضافت بورغ أن شل اعتمدت على أرصدة كربون وهمية لضمان استمرار نمو أعمال الغاز المسال، مشددة على ضرورة إجبار المنتجين والشركات على معالجة الانبعاثات في المنبع عبر تقليص إنتاج ومبيعات الوقود الأحفوري.
وقالت، إن الترويج لأنشطة الغاز المسال بوصفها “محايدة كربونيًا”، إذا استُعملت تعويضات الكربون، يعدّ “غسلًا أخضر“.
وزاد من حدّة الأمر أن “شل” استحوذت على حصة مباشرة في مشروعات الأرز الصينية بدعوى الانخراط في مشروعات صديقة للبيئة، ولم تكتفِ بدورها مستهلكًا نهائيًا لائتمانات الكربون.
بدوره، انتقد خبير السياسات في كاربون ماركت ووتش، جوناثان كروك، انتشار الاستعمال الوهمي لأرصدة الكربون.
وقال: إن “التلاعب” ببيانات المشروعات يتسبب في إنتاج ملايين اعتمادات الكربون الزائفة لشركة شل؛ ما يوحي بأن الغاز المسال “وقود أخضر”، وفق تصريحاته لموقع كلايمت هوم نيوز.
حقيقة المشروعات الصينية
يطرح تورُّط شركة طاقة بحجم شركة “شل” في ائتمانات كربون وهمية، التساؤلات حول حقيقة المشروعات الصينية.
وكشفت هيئات معنية ومزارعون أن تقنيات زراعة الأرز المخفضة للانبعاثات لم تطبَّق من الأساس، خاصة في المشروعات الـ6 التي استهدفت خفض انبعاثات الميثان خلال زراعة الأرز شرق الصين.
ودفع ذلك هيئة ائتمانات الكربون المعنية بإدارة معايير الكربون المعتمدة (فيرا) إلى إلغاء مشروعات الأرز التي تتبنّاها “شل” في الصين، من بين مشروعات أخرى يصل عددها إلى 31 مشروعًا، لم تحقق أهدافها المناخية.
ورصدت الهيئة -في أغسطس/آب الماضي- فشلًا في تطبيق التقنيات المخفضة للانبعاثات في المشروعات الصينية، خاصة مع نفي المزارعين علمهم بالتفاصيل؛ ما أثار شكوكًا حول جدّية استعمال الائتمانات والأرصدة في تعويضات الكربون.
ومقابل ذلك، قال متحدث باسم شل، إنها تدقّق في شراء ائتمانات الكربون جيدًا، لضمان فائدتها البيئية والمجتمعية.
وسيطرت شركة شل على الائتمانات الكربونية لمشروعات الأرز الصينية منذ نهاية عام 2021، لتصبح بمثابة وكيل لائتمانات المطورين.
ومع نفي المقاطعات الصينية إلزامها بتطبيق التقنيات المخفضة للانبعاثات في مزارع الأرز، بدأت هيئة “فيرا” التحقيق في الأمر لمدة 17 شهرًا، وأصدرت بعد ذلك قرارًا بتعليق المشروعات وإجراء مراجعة لها وملاحقة المطورين والمدققين ومعاقبتهم.
وانتقد محللون عدم خضوع سوق الكربون للمتابعة بالقدر الكافي، وترك الأمر في أيدي المدققين الذي قد تحكمهم الرغبة في عدم خسارة العملاء.
موضوعات متعلقة..
- هل انبعاثات الغاز الطبيعي المسال أقل من الفحم في كل الحالات؟ (تحليل)
- شل تتطلع لزيادة أرباحها من الطاقة المتجددة بجانب خفض الانبعاثات
- مكاسب الغاز المسال تشعل الحرب.. شل تتهم شركة أميركية بالتربح غير المشروع
اقرأ أيضًا..
- مشروعات الطاقة الشمسية في الخليج تجذب شركة صينية.. و3 دول يمكنها تخزين الكهرباء
- الدول الأرخص في أسعار الكهرباء المنزلية عالميًا.. 4 بلدان عربية بقائمة الـ10 (مسح)
- أزمة الكهرباء في العراق.. إيران تتلاعب ببغداد وهذه هي الأدلة (مقال)
المصادر:
إقرأ: شركة طاقة عالمية متهمة بتعويضات كربون “وهمية” مقابل 23 شحنة غاز مسال على منصة الطاقة