هل يصمد النفط الروسي أمام طوفان عقوبات “الراحل” بايدن؟ (تقرير)
تعوّل الولايات المتحدة الأميركية كثيرًا على العقوبات غير المسبوقة التي أعلنتها مؤخرًا ضد قطاع النفط الروسي، في تقويض جهود الكرملين لتمويل آلة الحرب الأوكرانية وتعزيز موقف كييف في أي مفاوضات مستقبلية للتوصل إلى سلام دائم وشامل.
ووفق متابعات الأحداث لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تؤكد إدارة الرئيس المنتهية ولايته جو بايدن أن العقوبات الجديدة ستكبّد روسيا فاتورة باهظة تُقدر بمليارات الدولارات شهريًا؛ ما يكفي لتحقيق هدف واشنطن من الإجراءات الأخيرة.
في المقابل نفت شركة غازبروم الروسية التي طالتها قائمة العقوبات الجديدة أن يكون لها أي تأثير في صناعة النفط المحلية، مؤكدة استعداد موسكو للتعامل مع السيناريوهات المحتملة كافّة.
وشملت العقوبات المعلنة من قِبل وزارة الخزانة الأميركية، أمس الجمعة 10 يناير/كانون الثاني (2025)، ما يزيد على 180 ناقلة نفط روسية، وشركتي خام كُبريين، إلى جانب تجار نفط ومزودي خدمات نفطية.
العقوبات الأكثر عدائية
تُعد العقوبات التي أعلنتها إدارة الرئيس بايدن هي الأكثر عدائية ضد النفط الروسي؛ إذ تأتي قبيل 10 أيام فقط من مغادرته البيت الأبيض.
وإذا استمر سريانها خلال عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، فسيكون لتلك العقوبات القدرة على كبح جماح صادرات النفط الروسية بأكثر من أي عقوبات أخرى مماثلة فرضتها قوة غربية على موسكو حتى الآن.
وشملت العقوبات التي أعلنتها وزارة الخزانة الأميركية شركتين كُبريين لإنتاج النفط، وهما غازبروم نفط وسورغوت نفط غاز (Surgutneftegas)، وعددًا كبيرًا من تجار الخام الذين يكتنفهم الغموض، وشركتي تأمين كبيرتين، ومزودي خدمات نفطية، وناقلات نفط تابعة لما يُسمّى “أسطول الظل”.
ونظريًا يمكن للعقوبات المعلنة ضد النفط الروسي أن تخفض فائض الإمدادات المقدرة بنحو مليون برميل يوميًا هذا العام، وفق توقعات وكالة الطاقة الدولية.
وارتفعت الأسعار الآجلة لمزيج خام برنت القياسي العالمي الذي كان قد أنهى عام 2024، عند أقل من 75 دولارًا للبرميل، لأعلى من 80 دولارًا خلال جلسة تداولات أمس الجمعة 10 يناير/كانون الثاني الجاري.
وفيما يلي التأثيرات التي يمكن أن تخلفها العقوبات الأميركية المعلنة مؤخرًا ضد النفط الروسي، وفق متابعات منصة الطاقة المتخصصة:
غازبروم نفط وسورغوت نفط غاز
تُعد العقوبات الأميركية التي طالت شركتي غازبروم نفط وسورغوت نفط غاز هي الخطوة المباشرة والأكثر عدائية -حتى الآن- من قِبل واشنطن مقارنةً بأي قوة غربية أخرى.
ولامست شحنات الشركتين من النفط الخام المنقول بحرًا قرابة 970 ألف برميل يوميًا في عام 2024؛ ما يجعل استهدافهما سببًا قويًا لردع مصافي النفط في الهند إلى جانب شركات الخام الحكومية في الصين.
وتزيد شحنات الشركتين من الخام مجتمعةً على فائض الإمدادات الذي تتوقعه وكالة الطاقة الدولية في السوق العالمية هذا العام؛ وهي تمثل كذلك نحو 30% من صادرات الخام الروسية المنقولة بحرًا.
ناقلات النفط
دخلت العشرات من ناقلات النفط الروسية في قائمة العقوبات الأميركية المعلنة مؤخرًا (قرابة 160 وحدة)؛ ما يضاعف القائمة الكاملة للسفن المستهدفة بوساطة الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي حتى الآن.
وعلى الرغم من أن نحو 30% من السفن التي تستهدفها واشنطن، تخضع لعقوبات بالفعل في كل من لندن وبروكسل، لكن العقوبات الأخيرة من واشنطن تبدو أشد تأثيرًا.
فمن بين جميع العقوبات الخاضعة لها تجارة النفط الروسي، أثبتت العقوبات الأميركية أنها الأكثر فاعلية؛ ما يمكن الاستدلال عليه بخوف المشترين الآسيويين من خرق الإجراءات التي فرضتها واشنطن.
وقبل أمس الجمعة 10 يناير/كانون الثاني (2025)، حدّد مكتب مراقبة الأصول الأجنبية 39 سفينة تنقل النفط الروسي منذ أكتوبر/تشرين الأول (2023).
ومن بين تلك الناقلات فشلت 33 وحدة في نقل الخام منذ إدراجها على القائمة، وفقًا لبيانات تتبع السفن، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وهذا المستوى يفوق نظيره المتحقق من إجراءات مماثلة فرضتها المملكة المتحدة أو الاتحاد الأوروبي وعلى مدى فترة زمنية أطول من ذلك بكثير؛ إذ لم تفرض أي من لندن أو التكتل العقوبات للمرة الأولى إلا في يونيو/حزيران (2024).
التجار
استهدف مكتب مراقبة الأصول الأجنبية كذلك “تجارًا غير معروفين لديهم رغبة في شحن النفط الروسي وبيعه”، والمسجلون غالبًا في مناطق قضائية عالية الخطورة ولديهم هيكل غامض من الشركات والموظفين تجمعهم صلة بروسيا، ويخفون أنشطتهم التجارية.
ولم يتأسس العديد من شركات التجارة تلك سوى بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وقد اختفى العديد منها بالفعل، لتحل محلها كيانات جديدة بملكية متداخلة، وكثير من الموظفين أنفسهم.
ومن المرجح أن تربك العقوبات الأميركية الأخيرة حسابات تجار الخام الحاليين في المدى القصير، لكن ربما يعاود الكثير منهم الظهور باسماء مختلفة.
تأمين السفن
ربما لا تؤثر العقوبات التي طالت اثنتين من كبرى الشركات الروسية العاملة في مجال تقديم الحماية والتأمين ضد الأضرار لناقلات النفط -إنغوستراخ إنشورانس (Ingosstrakh Insurance)، وألفستراخوفاني غروب (Alfastrakhovanie Group)- كثيرًا في تدفق النفط الروسي إلى الأسواق العالمية.
ومع ذلك فإن حظر تقديم خدمات التأمين من قِبل هاتين الشركتين ربما يُخرج بعض ناقلات النفط، بما في ذلك الأسطول الروسي نفسه، من أسواق التأمين الرئيسة في العالم، على الأقل مؤقتًا.
ومن شأن ذلك أن يغذّي المخاوف التي أبدتها الدول التي تواجه مياهها الإقليمية مخاطر جراء السفن المتهالكة الناقلة للخام الروسي.
الخدمات النفطية
تحظر العقوبات المفروضة كذلك على شركات الخدمات النفطية في الولايات المتحدة مواصلة عملياتها في روسيا بحلول الـ27 من فبراير/شباط المقبل.
وواصلت شركتان عالميتان، مقرهما الولايات المتحدة، على الأقل العمل في روسيا حتى بعد الغزو الأوكراني، بحسب تقاريرهما الفصلية التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
ولكن من غير المرجح أن يكون للعقوبات الأميركية أي تأثير فوري في قدرة روسيا على ضخ النفط الخام؛ إذ يقدم مزوّدون محليون، بما في ذلك شركات مملوكة سابقًا لمستثمرين أجانب، معظم الخدمات النفطية في البلاد.
ووفق تقديرات صادرة قبل عام عن شركة الأبحاث “ريستاد إنرجي”، ومقرها العاصمة النرويجية أوسلو، يعتمد نحو 15% فقط من سوق التنقيب عن النفط في روسيا على التقنيات الأجنبية.
موضوعات متعلقة..
- صادرات النفط الروسي تسجل أدنى مستوياتها.. والأسعار ترتفع (تقرير)
- انخفاض إيرادات النفط والغاز يهدد نفوذ روسيا (مقال)
- أكبر شركة لخدمات حقول النفط عالميًا تتوسع في روسيا
اقرأ أيضًا..
- أكبر 10 دول منتجة لليورانيوم في العالم.. 3 دول أفريقية بالقائمة
- رقم عالمي جديد في كفاءة توليد الطاقة الشمسية.. من حقّقه؟
- اكتشاف غاز في إسرائيل قد يفشل.. الرقم مخيب للآمال
المصادر:
إقرأ: هل يصمد النفط الروسي أمام طوفان عقوبات “الراحل” بايدن؟ (تقرير) على منصة الطاقة