طاقة الرياح في إسبانيا تتلقى 72 ضربة بحكم قضائي.. ما القصة؟
تلقّت طاقة الرياح في إسبانيا طعنة نافذة، بعدما أوقفت محكمة تنفيذ عشرات المشروعات في الصناعة النظيفة، على خلفية معارضة محلية تستند إلى مخاوف بيئية.
وتقع مشروعات الرياح البالغ عددها 72 في منطقة غاليسيا شمال غرب إسبانيا، ويلامس إجمالي سعتها المجمّعة قرابة 2 غيغاواط، بكلفة استثمارية تزيد على ملياري يورو (2.04 مليار دولار).
*(اليورو = 1.03 دولارًا أميركيًا).
وكان القضاء في غاليسيا قد أصدر حكمًا لصالح السكان المحليين في المنطقة، بعد أن حرّكوا عشرات الدعاوى القضائية ضد إنشاء توربينات الرياح؛ خشية تأثيرها في أنماط حياتهم، وكذلك في النظام البيئي للمنطقة.
ووفق أحدث متابعات قطاع طاقة الرياح في إسبانيا لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإنه من المرجّح أن تؤثّر المشروعات الموقوفة في خطط مدريد بشأن تحول الطاقة، علمًا بأن هذا المصدر النظيف أسهم بنحو 22% في مزيج الكهرباء الوطني في البلد الأوروبي خلال العام المنصرم.
أهداف الرياح في خطر
حذّر الخبراء من تفاقم المخاطر المُحدِقة بطاقة الرياح في إسبانيا، إذا لم تواجه مدريد قضايا مثل المعارضة المحلية التي تلقاها تلك المشروعات في بعض المناطق -مثل غاليسيا- ومشكلات التراخيص التي تُعدّ عقبة بطريق نشر توربينات الرياح في البلاد.
وقال أحد أصحاب المنازل في غاليسيا، ويُدعى خوسيه ماريا كوفريسيس: إن “مزارع الرياح تعني حفر الجبال التي تصبح مليئة بالحفر، والمواد الإسمنتية”.
وتتكون مزرعة الرياح التي كان من المخطط أن تُبنى بالقرب من منزل كوفريسيس من 12 توربين رياح، طول الواحد منها 170 مترًا، وذلك حال تنفيذ خطط إنشاء مزارع الرياح في المنطقة.
وكانت مزارع الرياح الـ72 قد حصلت على موافقة الحكومة الإقليمية، لكن العمل عليها تعطَّل بموجب أمر قضائي صادر عن المحكمة الإقليمية العليا في العام الماضي، على خلفية مئات الدعاوي القضائية التي حرّكها سكان محليون ومجموعات بيئية.
ضغوط على الحكومات
تأتي المعارضة المحلية لمشروعات الطاقة المتجددة في الدول الأوروبية في الوقت الذي تواجه فيه حكومات القارة العجوز سلسلة من الضغوط المتنامية لدعم الأهداف الخضراء الطموحة التي يتبنّاها الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك التوسع الكبير في سعة طاقة الرياح.
وتحلّ إسبانيا ثانيًا خلف ألمانيا بقائمة أكبر الدول في سعة توليد طاقة الرياح في أوروبا، غير أن خطط مدريد لمضاعفة تلك السعة بحلول نهاية العقد الحالي (2030) أضحت غير مؤكدة؛ جراء تنامي المعارضة المحلية، إلى جانب مشكلات استصدار التراخيص.
وقال المدير العام لمجموعة طاقة الرياح الإسبانية إيه إي إي (AEE) خوان فيرجيليو ماركويز: “في غاليسيا هناك شلل تامّ”، في إشارة منه إلى مشروعات طاقة الرياح، وفق تصريحات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ولم تُركّب منطقة غاليسيا -وهي من أكثر المناطق السياحية الخلّابة في إسبانيا- أيّ سعة طاقة رياح جديدة خلال عامي 2022 و 2023، بل حتى لم تتجاوز السعة الجديدة المضافة خلال المدة بين عامي 2020 و 2023 69 ميغاواط، بحسب أحدث البيانات المتاحة من “إيه إي إي”.
تدمير التراث
إلى جانب اختلافها مع حكومات الدول، تُظهر المعارضة اختلافًا مع العديد من السكان، وفق نتائج دراسات بحثية.
ووفق استطلاع رأي أجرته شركة سونداكس (Sondaxe) لأبحاث السوق في غاليسيا خلال سبتمبر/أيلول الماضي، يرغب 3 أرباع السكان في المنطقة بإنشاء المزيد من محطات رياح.
في المقابل، يندمج المحتجّون في مختلف أنحاء أوروبا بحركات منظمة، مثل تلك التي شهدتها غاليسيا، التي حرّكت دعاوى قضائية ممولة غالبًا بشكل جماعي، وفقًا لمحللين وخبراء في الصناعة.
وقال المسؤول في هيئة صناعة طاقة الرياح الأوروبية ويند يوروب (WindEurope) كريستوف زيبف، إن مجموعات المعارضة تعرف الحلقات الضعيفة في عملية استصدار التراخيص وتستهدفها، ثم تتبادل الخبرات الناجحة مع بعضها، مضيفًا أن هذا يؤدي إلى ظهور “فرص عالية لوقف تلك المشروعات”.
ففي جزيرة ساردينيا الإيطالية -على سبيل المثال-، دفعت المعارضة المحلية السلطات إلى تمرير قانون في شهر سبتمبر/أيلول (2024) قال مطورو الطاقة المتجددة، إنه جعل أكثر من 90% من أراضي الجزيرة محظورًا على مشروعاتهم.
243 دعوى قضائية
استهدفت 243 دعوى قضائية 90 من إجمالي 137 مشروعًا قيد التخطيط في غاليسيا، بما في ذلك محطات الرياح الـ72 المتوقفة حتى الآن، وفق بيانات صادرة عن الحكومة الإقليمية.
وبوجه عام، تؤثّر الدعاوي القضائية والطعون الإدارية في 98 مشروع رياح، وفق بيانات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضحت حيثيات الدعاوي القضائية أن الحكومة الإقليمية في غاليسيا -التي تمنح التصاريح للمشروعات التي تقل سعتها عن 50 ميغاواط- لم تلتفت إلى المخاطر البيئية، ولم تأخذ في الحسبان توجهات الرأي العام في تلك العملية.
وفي 72 قضية، أمرت المحكمة العليا في غاليسيا بتعليق العمل في مزارع الرياح لأسباب إجرائية أو بيئية، في حين طعنت الحكومة الإقليمية بالحكم أمام المحكمة العليا في إسبانيا.
وفي يونيو/حزيران الماضي، طالبت المحكمة في غاليسيا محكمة العدل الأوروبية إصدار حكم بشأن إذا كانت القوانين في غاليسيا وإسبانيا تتوافق مع قواعد الاتحاد الأوروبي الخاصة بالوصول إلى المعلومات في عملية استصدار التراخيص.
3 غيغاواط
قال المدير العام للطاقة المتجددة في الحكومة الإقليمية في غاليسيا بولا أوريا، إن مزارع الرياح الـ137 المستهدفة بدعاوي قضائية، والحاصلة على تراخيص، كان من شأنها أن تضيف 3 غيغاواط من سعة طاقة الرياح.
ووفق تقديرات مجموعة الرياح الإسبانية “إيه آر إي”، فإن إضافة مثل تلك السعة من شأنها أن توفر قرابة 4800 فرصة عمل على مدى 5 سنوات.
وفي هذا الصدد، قال أوريا، إن الموقف في المنطقة “صعب الفهم”، في ظل إلغاء الحكومة الإقليمية مشروعات طاقة رياح، على الرغم من تنفيذ مشروعات مماثلة بمناطق أخرى في إسبانيا تحكمها القوانين نفسها.
موضوعات متعلقة..
- الطاقة المتجددة في إسبانيا تنتعش بدعم 24 مشروعًا جديدًا
- خريطة وظائف طاقة الرياح في العالم.. 10 دول تستحوذ على 88% (تقرير)
- إسبانيا تستهدف إنتاج 3 غيغاواط من الرياح البحرية
اقرأ أيضًا..
- أكبر الدول المستوردة للغاز المسال الأميركي في 2024.. ماذا عن مصر والأردن؟
- وزير الطاقة السعودي يكشف عن خطط بلاده لإنتاج اليورانيوم وتصديره
- مسؤول يحذر: صناعة الكيماويات قد تنقرض قريبًا
إقرأ: طاقة الرياح في إسبانيا تتلقى 72 ضربة بحكم قضائي.. ما القصة؟ على منصة الطاقة