عالم الطاقة

حقل الشاعر السوري.. قصة 30 مليار متر مكعب من الغاز أهدرتها الحرب

يمثّل حقل الشاعر للغاز الطبيعي في سوريا حجر أساس لصناعة الغاز في الدولة العربية التي شهدت صراعات ونزاعات على مدى أكثر من 13 عامًا، انتهت برحيل النظام السابق الذي قادته لسنوات طويلة أسرة الأسد.

وبحسب بيانات حقول النفط والغاز العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، فإن الحقل السوري أسهم بشكل كبير في تلبية احتياجات الدولة من الطاقة لسنوات طويلة، قبل أن تطاله نيران الحرب التي طال أمدها.

بالإضافة إلى ذلك، ونظرًا لاحتياطياته الكبيرة من الغاز الطبيعي، وإنتاجه الذي استمر دون انقطاع أو تعطيل قبل سنوات الصراع، فقد أدى حقل غاز الشاعر دورًا حيويًا في دعم اقتصاد سوريا، لا سيما المرتبط بقطاع الطاقة.

ونظرًا لأهميته الإستراتيجية الكبيرة، فقد كان حقل الشاعر -تاريخيًا- محورًا للعديد من النزاعات والصراعات خلال السنوات الأخيرة، إذ سيطر عليه تنظيم “داعش” في عام 2016، قبل أن يُحَرَّر في عام 2018.

ووسط محاولات السيطرة على الحقل الغازي المهم من جانب الإرهابيين، ومحاولات تحريره من جانب الدولة والفصائل المدعومة من التحالف الدولي، تأثَّر إنتاجه واستقراره، ولكن خطط تطويره ما تزال نصب أعين الحكومة الجديدة.

وللاطّلاع على الملف الخاص بحقول النفط والغاز العربية لدى منصة الطاقة المتخصصة، يمكنكم المتابعة عبر الضغط (هنا)، إذ يتضمن معلومات وبيانات حصرية تغطي قطاعات الاستكشاف والإنتاج والاحتياطيات.

معلومات عن حقل الشاعر

تشير أبرز المعلومات عن حقل الشاعر للغاز الطبيعي في سوريا، إلى أن أعمال استكشافه بدأت خلال ستينيات القرن الماضي، وهي المدة التي شهدت اكتشاف العديد من حقول النفط والغاز المهمة في البلاد.

وحرصت الدولة السورية -حينها- على تحقيق أقصى استفادة من الحقل، بما يدعم اقتصادها ويؤمّن حاجتها المحلية من الطاقة، لذلك عملت على مواصلة أعمال الحفر والتطوير فيه، وهو ما أسفر عن اكتشاف مكامن جديدة في سبعينيات وثمانينيات القرن العشرين.

وبفضل احتياطياته الكبيرة، قياسًا إلى الحقول الغازية الأخرى في سوريا، أصبح حقل الشاعر رقمًا مهمًا بإنتاج الغاز الطبيعي في البلاد، إذ إنه بحلول عام 2010 بلغ حجم إنتاجه نحو 35 مليون متر مكعب سنويًا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

حانب من أعمال التدمير التي شهدها حقل الشاعر
عناصر تنظيم داعش وجانب من أعمال التدمير التي شهدَها حقل الشاعر- الصورة من “سانا”

ويقع حقل الشاعر للغاز الطبيعي في محافظة حمص، شمال غرب مدينة تدمر، إلى الشمال من حقل جحار، وهو موقع جغرافي إستراتيجي، يجعل الحقل قريبًا بشكل كبير من عديد من المرافق الحيوية التي تدعم جهود إنتاجه وتطويره.

ومن شأن قربه من هذه المرافق، تسهيل عمليات نقل الغاز الطبيعي وتوزيعه، وهو ما يزيد من أهمية موقع الحقل، الذي يكتسب أهمية أخرى جيوسياسية، وذلك نظرًا لقربه مناطق النزاع والتوتر، ما جعله هدفًا على مدى سنوات للصراع ومحاولات السيطرة.

وتشير بعض المصادر إلى أن حقل الشاعر أسهم بشكل كبير في دعم اقتصاد سوريا، لا سيما خلال السبعينيات من القرن الماضي، وتحديدًا مرحلة ما بعد الحرب في 1973، إذ لبى الحقل جزءًا من حاجة البلاد للطاقة، وكذلك جزءًا من حاجتها إلى الموارد المالية.

وعلى الرغم من أن الحقل يقع داخل الأراضي السورية، فإن روسيا أبدت اهتمامًا كبيرًا بقطاع الطاقة السوري، وهو ما كان جزءًا من خطة موسكو لتعزيز نفوذها في منطقة الشرق الأوسط من خلال الاستثمارات بقطاع الطاقة.

احتياطيات حقل الشاعر

تشير تقديرات غير رسمية إلى أن احتياطيات حقل الشاعر من الغاز الطبيعي تصل إلى أكثر من 30 مليار متر مكعب، وهو ما يجعله واحدًا من أكبر الحقول الغازيّة في سوريا، وفق أرقام الاحتياطيات والإنتاج العالمية لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

بالإضافة إلى هذه الاحتياطيات الكبيرة، يحتوي الحقل على كميات ضخمة من المكثفات والسوائل الغازية، التي تُسهم -بدورها- في تلبية جزء كبير من احتياجات البلاد من الطاقة، وكذلك الوقود اللازم للصناعات المختلفة.

ويؤدي حقل الشاعر السوري دورًا مهمًا بالنسبة لعدد من الصناعات، وفي مقدّمتها صناعة البتروكيماويات، جنبًا إلى جنب مع دوره في تلبية حاجة محطات الكهرباء، ورغم ذلك، فإن الاستفادة الكاملة من هذه الاحتياطيات تتطلب استقرارًا أمنيًا واستثمارات مستمرة في البنية التحتية.

حقول النفط والغاز في سوريا

وعلى هذا الأساس، تسعى الإدارة السورية الجديدة، بعد رحيل النظام السابق وعلى رأسه بشار الأسد، إلى استعادة إنتاج حقول النفط والغاز، ومن بينها “الشاعر”، بهدف إعادة قدرات الإنتاج، وتحقيق أكبر استفادة من قطاع الطاقة اقتصاديًا.

يشار إلى أن إنتاج حقل الشاعر للغاز، قبل عام 2011، كان يبلغ نحو 35 مليون متر مكعب من الغاز سنويًا، ولكن بعد بدء الحرب، تأثّر الإنتاج بشكل كبير بسبب النزاعات المستمرة في المنطقة.

وكان الحقل الغازي المهم بالنسبة لاقتصاد سوريا قد تعرَّض لهجمات متعددة أدّت إلى توقُّف الإنتاج فيه بأوقات متقطعة، ولكن رغم ذلك، تسعى الجهات المعنية إلى إعادة تأهيل الحقل واستعادة مستويات الإنتاج السابقة.

مراحل تطوير حقل الشاعر

شهدت مراحل تطوير حقل الشاعر عددًا من الخطوات المهمة منذ اكتشافه، إذ إنه ببداية الوصول إلى احتياطيات الغاز الطبيعي فيه -مطلع ستينيات القرن العشرين- تركّزت الجهود على بناء البنية التحتية الأساسية لبدء الإنتاج.

وبمرور الوقت، أُدخِلت تقنيات حديثة لزيادة كفاءة الإنتاج وتقليل التكاليف، ومع ذلك، تأثرت عمليات التطوير بسبب التحديات الأمنية والاقتصادية التي واجهتها البلاد في السنوات الأخيرة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

حقل الشاعر قبل سقوطه بيد التنظيمات
الحقل قبل سقوطه بأيدي التنظيمات- الصورة من “آر تي”

وقد تعاونت شركات عالمية عديدة مع الحكومة السورية لتطوير حقل الشاعر، في مقدمة هذه الشركات، جاءت شركة صنكور إنرجي الكندية، التي عملت بالتعاون مع شركة إيبلا السورية لزيادة إنتاج الحقل وتحسين تقنياته.

وقد أسهم هذا التعاون في تعزيز قدرات الحقل الإنتاجية وتطوير البنية التحتية المرتبطة به، إذ تمكنت الشركات من زيادة إنتاج الحقل من 10 ملايين متر مكعب سنويًا في التسعينيات، إلى مستوى 35 مليونًا، قبل بدء الحرب.

لذلك، يعدّ حقل الشاعر من الأصول الحيوية للاقتصاد السوري، إذ على الرغم من احتياطياته الكبيرة وإنتاجه المهم، ما تزال هناك رغبة قوية في تخطّي التحديات الأمنية والسياسية بالمنطقة، لتحقيق الاستفادة القصوى منه، وهو ما يتطلب جهودًا مشتركة لإعادة الاستقرار والاستثمار في تطوير بُنيته التحتية.

نرشح لكم..

المصادر..

إقرأ: حقل الشاعر السوري.. قصة 30 مليار متر مكعب من الغاز أهدرتها الحرب على منصة الطاقة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى